جريدة الأخبار – الأربعاء 7 يناير
2009 فلسطين 60 عاما ... المذابح والسلام (2)
سيسجل التاريخ أن ما يحدث على أرض غزة من مذابح وتأثيره على العالم هو من الصفحات السوداء فى تاريخ البشرية والتى كتب للصراع الاسرائيلى الفلسطينى عدد لا بأس بها من صفحات خلال الستين عاما الماضية منها مذابح دير ياسين وصبرا وشاتيلا حتى مذابح غزة والتى يمكن توصيفها بأنه للآن مذابح القرن ... وإذا كان مشهد المذابح اليومية خلال ما يقرب من اسبوعين فاق فى تأثيره كل المذابح الاخرى لدرجة تشعر أن كل من طرفى الصراع لهم هدف واضح فى استخدام سلاح الاعلام والتليفزيون لنقل ما يحدث على أرض غزة لكل العالم خاصة العربى والاسلامى وكأن اسرائيل تريد أن تؤكد للعرب والعالم عن قوتها العسكرية واهميتها فى منطقة صراعات اقليمية حاده من ايران والعراق الى لبنان وفلسطين . ومن جهة أخرى تستخدم حماس الاعلام فى استنفار الشارع العربى والاسلامى تعاطفا مع ضحايا غزة من جهة ومحاولة لدعم شرعيتها ضمن فصائل المقاومة الفلسطينية وليس كمنظمة "أرهابية" كما يطلق عليها ويعرفها العالم . ما تقوم به اسرائيل من المنظور الدولى هو اعتداء وحشى اجرامى تستخدم فيه قوى غير متكافئة عسكريا تستهدف المدنيين بشكل غير انسانى وغير مسبوق فى العنف والضراوه والارهاب ، وإن كانت اسرائيل تشير أن هدفها هو حماية المدنيين لها فى جنوب اسرائيل من الصواريخ " المتواضعة والبدائية" والتى تنتجها وتطلقها حماس ولا تحقق نتائج عسكرية أو سياسية تخدم القضية الفلسطينية فإن حقيقة الأمر أن الأهداف الحقيقية لاسرائيل تشمل ما يلى اولا : اعادة الهيبة للآلة الحرب والمؤسسة العسكرية الاسرائيلية (خاصة بعدما حدث فى جنوب لبنان وفى اطار مستجدات التغيرات الدولية ومنها الرئاسة الامريكية الجديدة) ، ثانيا : افتعال حرب وهميه "الجوهر" ساعدت قيادات حماس فى اشعالها وجر القضية الفلسطينية الى حافه الضياع بل ومحاولة جر بعض دول المنطقة من خلال شعوبها الى هذا الصراع ، ثالثا : خلق واقع جديد يؤجل كافة الحلول المطروحة لحل قضية فلسطين الى سنوات بل عشرات السنوات القادمة تزيد فيها من فرض سياسة الامر الواقع وتشتعل الانقسامات الفلسطينية والقيادات الفاشلة لمعظم فصائلها ، رابعا : احداث كسر " بدلا من شرخ " فى جدار المقاومة الفلسطينية استثمارا لما حدث بين حماس وفتح وتحويله الى نقطة اللاعودة مع طرح سيناريوهات جديدة لافكار مسمومه حول سراب ايجاد حلين للضفة وغزة كل على حدة جدلا من حل واحد لدولة فلسطينية مستقلة مع طرح اطروحات مسمومة تدور اشاعات حولها حول دور يحمل مصر مسئولية اكبر تجاه غزة وليس فقط فتح لمعابر ، وخامسا : اخر الاهداف لاسرائيل هو قضاء محدود على ما تسميه البنيه التحتيه لحماس ... والتساؤل الجوهرى لماذا تتجنب اسرائيل القبض على أو القضاء قيادات حماس ! ... واذا كانت تعتبرهم ارهابيين ؟ ... البعض يقول أن القيادات الحالية تعطى اسرائيل الذريعة فى أن تفعل ما تشاء بل هى عناصر انشقاق وايتزاز ملائم لواقع الصراع الفلسطينى والعربى من وجهة النظر الاسرائيلية فهم لديهم شراهة الحكم ، ولديهم القدرة على الانقلاب على رفقائهم مثل ما حدث مع القيادة الفلسطينية الشرعية ، بل أن لديهم – ايضا - القدرة على التضحية بالأهل من اطفال وشيوخ والانزلاق بهم لحرب وهميه مثلما يحدث حاليا . فلم نشاهد قيادات على خط النار فى اشتباكات مع العدو كما توعدوا ... ومن المحزن ان هذه القيادات تتطاول على مصر وجيشها بإسلوب لم نعرفه فى التاريخ العربى المعاصر حتى فى اسود ايامه ... والتساؤل هل سيظل الصراع الاسرائيلى الفلسطينى 60 عاما ؟ أين الطريق للسلام ... العادل ؟ واين قادة الفكر والسلام ؟ ومتى ستصبح أرض العرب أرضا للسلام ؟ وللحديث بقية