جريدة الأخبار – الأربعاء 9 يوليو
2008 المتوسطية ... بين التحدى والأمل
سيجتمع الأحد القادم 13 يوليو 2008 رؤساء 42 دولة اوروبية ومتوسطية بباريس لاعلان التوجه نحو التعاون من أجل دول البحر المتوسط ويقصد به تعاون بين دول شمال البحر المتوسط ودول جنوب البحر المتوسط ... وفى اعتقادى أن هذا اليوم يمكن ان يكون بداية لمستقبل جديد فى منطقة عاشت – عبر التاريخ – آمال واحلام وصراعات وحروب ... فهل سيكون يوم 13 يوليو 2008 يوم آخر نذكره للفرص الضائعة أم انه سيكون يوم تولد من جديد فيه منطقة تنشد الاستقرار والسلام وفرصة العمل والطعام والتعليم والعلاج والتكافؤ والتقدم والعدل والديموقراطية ... لقد عشت فترة كبيرة من حياتى اؤمن بأن الاصلاح الاقتصادى والاجتماعى هو ركيزة للتنمية ... فهل يمكن أن تكون الدعوة من أجل المتوسطية نموذجا لهذا ونرى البحر المتوسط مجتمع نماء ورخاء ... مجتمع دون فقراء ... مجتمع تكافؤ وديموقراطية . الفرصة قادمة ... الفكرة فرنسية – من ساركوزى – تعيش فترة تطور وتحول جوهرى واهمها فى نظرى ما يلى
اولا : مفهوم المشاركة حيث يقود ويشارك الجنوب بفاعلية وتكافؤ ومساواه مسار التعاون من اجل المتوسط وتشرف رئاسة المجموعة بالرئيس المصرى محمد حسنى مبارك للفترة الاولى مع الرئيس الفرنسى ساركوزى وهى فرصة كبيرة – ولاول مرة – لوضع اجندة الجنوب عمليا فى اطار سياسى واقتصادى مع دول اوروبا .
وثانيا : ان التعاون فى حد ذاته – فى حالة نجاحه – سيخلق واقعا اقليميا اكثر استقرارا وسلاما بدلا من جنوب منقسم ومفكك ويعيش دوريا نزوات وغزوات من العراق ولبنان وفلسطين الى قلاقل على الحدود ونزاعات مثل دارفور والصحراء وغيرها .
وثالثا : ان فرصة التقدم الاقتصادى والاجتماعى لدول الجنوب سانحة وتلتقى فيها مصالح الشمال والجنوب ... فالشمال يريد سوقا يمكن أن تتحقق من خلاله بناء بنية صناعية قوية لدول الجنوب تعتمد من جهة على التقدم العلمى والتقنى للشمال وتوظف ثروات الجنوب وابنائها وثرواتها الى مزيد من القيمة المضافة الصناعية والخدمية والعلمية والتقنية فى داخل دول الجنوب ... دول الجنوب فى احتياج الى مائة مليون فرصة عمل فى العشرين عاما القادمة تمثل استثمارات قدرها ثلاثة تريليون دولار هى فرصة مشتركة لجنوب يأمل فى تحقيق التقدم والشمال يرغب فى سوق جديد ويرغب فى وقف هجرة ابناء الجنوب الغير شرعية اليه ويرى أن استقرار أوروبا هو بأن يكون الجنوب اكثر تقدما ورخاء ...
ورابعا : ان فجوات التنمية والفقر ازدادت حدتها بين الجنوب والشمال وارتفعت اصواتها الى حد لا يمكن للنظم والدول أن تقوم بمفردها بايجاد حلول سحريه لمشاكلها ولعل ابسط الدلالات لهذا هو تأثير الزيادة الكبيرة فى سعر البترول وسعر الغذاء على الدول الفقيرة والافريقية . هناك من ينادى بأطر سياسية وأطر للتعاون الدولى جديدة فى اطار احساس متزايد بخيبه الامل مما يحدث فى العالم حاليا بحكوماته ومؤسساته الدولية – والتى فشلت مجتمعه فى الوصول الى عالم اكثر استقرارا وسلاما وتنمية ونماء وعدل وتكافؤ ... وكلها طموحات تقدم انسانى وحضارى ونظريات علمية تدرس فى العالم الاكثر تقدما عن سوق حر (متكافئ وعادل) وعن حرية للانسان وعن غيرها من نظريات نقضت على ارض الواقع . وخامسا : ان الضغط الالمانى والاوروبى قد اضاف لفكرة ساركوزى – المتواضعه والمختلفه – تغييرا وتحديدا وتواصلا ... واهم نقاط التغيير انه ليس حرا كرئيس أو كدولة فهو جزء من الاتحاد الاوروبى كما ان المانيا ودول الشمال هى جزء من اوروبا وجزء من المتوسط ... فما يضيفه الاتحاد الاوروبى لدول وسط وشمال اوروبا ان شواطئها الافتراضية هى شواطى شمال المتوسط مثل مارسيليا وجنوه وبيريه ... ولا يعقل لالمانيا أو دول شمال اوروبا بأن تكون خارج الاطار السياسى والاقتصادى لفكرة التعاون من اجل المتوسط أما الشق الثانى فهو سياسى الى فإلى أى مدى يصل التوجه المتوسطى بالطموحات الى اتحاد للشمال والجنوب أم أنه فقط من اجل المتوسط . وقد استقر الفكر – الحالى – أنه تعاون من اجل دول الجنوب دون المساس بأى اطار حالى لدول الشمال ... أما الشق الثالث فى هذا والذى تم اضافته اخيرا بمميزاته وعيوبه ان 13 يوليو هو تواصل لاتفاق برشلونة ... وللحديث بقية