جريدة الأخبار – الأربعاء 6 يوليو
2011 إنقاذ الوطن ... أم " الحكم أولا "
هل ستتحول ثورة مصر إلي تقدم ورخاء أم إلي فوضي وانهيار ؟ ... سيسجل التاريخ للمصريين قدرتهم علي نجاح الثورة المصرية – فقط - إذا تحولت إلي بناء ونماء ونهضة ورخاء ... وفي حالة الفشل لا قدر الله فسيجرم التاريخ كل صوت يضلل ويفرق وكل يد تهدم وتدمر علي أرض مصر ... أستعراض المشهد المصري والساحة الوطنية وما تتضمنه من أحداث تتلاحق تشمل أولا : حياد كامل للجيش والقوات المسلحة وإصرار علي عدم الانزلاق إلي صراعات سياسية مع تأكيد الانحياز إلي الشعب ككل خاصة الفقراء منه . ثانيا : غياب تام للقيادة والريادة لمسيرة الوطن . ثالثا : محاولات مستميتة لبعــض الأشخـاص والتيارات للوصول للحكـم بأي ثمن تطبيقا لمفهوم " الحكم أولا " . رابعا : استمرار الجهود المضنية لهدم الدولة المصرية باستغلال الشعار الثوري " إسقاط النظام " الذي استهدف هدم نظام "حكم مبارك" وجماعته ليمتد – عن عمد - إلي هدم النظام السياسي ، وهدم النظام الاقتصادي وهدم النظام الأمني وهدم النظام الاجتماعي وهدم النظام الإداري " البيروقراطية المصرية " وهدم النظام القضائي والإعلامي وهدم النظام الأخلاقي ومحاولة هـدم النظـام العسكــري. خامسا : الردة إلي منهـج "الشحاذة والمعونة " بالتوجه للاستدانة من الخارج واستجداء المعونات بدلا من الاستثمار والبناء كمفاهيم رئيسية للتنمية الوطنية... ولولا اليقظة الشديدة للمشير/ حسين طنطاوي لانزلقت مصر لمتاهات صندوق النقد الدولي مرة أخري . سادسا : استمرار تنفيذ مسلسل و" مخطط الاستيلاء علي الحكم " مما ينذر بكارثة سياسية لدكتاتورية جديدة باسم الديمقراطية تحل محل دكتاتورية عصر مبارك . سابعا : تباطؤ عودة الأمن للوطن ... وانتشار الإحساس بالخوف وعدم الأمان ما بين الشيوخ والأطفال والأمهات والفتيات . ثامنا : تلاشي الاستقرار اللازم للاستثمار والعمل من جهة أخري ... والتحول الاقتصادي من مفهوم الاستثمار والتقدم إلي مفهوم تسيير الأعمال والحفاظ علي ما هو قائم ... والتحول الاجتماعي من السعي "للسعادة" إلي مفهوم الدفاع عن النفس والحذر والترقب بل والخوف لدي الأسرة المصرية . تاسعا : إعلام جزء منه يناضل لبناء الوطن وتقدمه ومبادئ الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والتكافؤ ، والجزء الآخر منه حول المجتمع إلي كتائب تتقاتل فكريا ونفسيا ... إعلام ظل لفترة طويلة يركز علي الأسود وبدء البعض الراشد منه يبرز ما هو " أبيض" لطريق بناء ووحدة تقدم الوطن . وعاشرا : حكومة تحمل لقب تسيير أعمال في وطن يعاني من العطش الشديد للتنمية والتقدم والاستثمار ... وطن مستقبله في فرصة عمل حقيقية تخلق اليوم ولا تؤجل للغد . وحادي عشر : صراعات وفوضي فكرية وأيدلوجية بين الفئة المثقفة والقيادية لا يحترم فيها الرأي والرأي الآخر ، ويضيع فيها طريق التقدم ويضيع فيها بدائل الاختيار لمجتمع أكثر من 30% يعاني من الأمية وما يقرب من 40% من الفقر ... هم ضحية ما يحدث من فوضي وانهيار وغيبوبة . ثاني عشر : صراع ديني يشبه بركان يزداد في تباينه ووحدته وينذر بإنفجارات لاختلافاته الكامنة لازال وقودا لإشعال الوطن وتدميره ... ولم يحدث من النظام الأسبق أو الحالي جهد حقيقي للقضاء علي جذور الفتن والصراع . ثالث عشر : وطن يحتاج لبناء نظامه الجديد ومجتمع جديد مفهوم إعادة الهندسة "Re-engineering" وهو أحد المفاهيم الراسخة لإعادة بناء النظم ... لقد غاب عن الوطن نظام حقيقي عادل ومتكافئ لأكثر من ثلاثين عاما ويمكن أن يستمر ذلك لأكثر من ثلاثين عاما في حالة عدم بناء نظام لوطن وسياسات لمجتمع ... ويشمل ذلك بناء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري والهيكلي والقضائي والتعليمي والبيئي . الساحة الوطنية لازالت منشغلة بما سيحدث في التحرير الجمعة المقبل وبأزمات متتالية البعض منها حقيقي والبعض الآخر يفتعل وبضجيج متعمد من البعض وعن جهل من آخرين ... واتسائل أي طريق يختاره المصريون هل هو أن نحول الثورة إلي ثورة تقدم ورخاء وبناء ونماء أم إلي طريق العراق أو لبنان ؟؟ واتسائل أيضا من منا يؤمن "بالوطن أولا" ؟ ... ومن الذي يتصارع إلي "الحكم أولا" ؟ ... ومن الذي يدفع الثمن ؟ .