جريدة الأخبار – الأربعاء 1 أغسطس  2007
تمكين الفقراء ... والمياه

على الرغم من انى احاول جاهدا ان انتقل من موضوع تمكين الفقراء الى موضوعات اخرى عديدة تشغلنى فإننى أجد نفسى فكرا وقلبا مشدودا لمعاناة الفقراء والتى أراها تزداد زيادة ملحوظة فى الفترة الاخيرة ... وقد أكدت من قبل انى أرى قضية تمكين الفقراء هى أهم قضايا مصر الآن ... ولحلها جذريا علينا أن نحس ونعيش ونعمل على حل هذة المشاكل بدلا من التحدث عنها بتبسيط وتسطيح مخل أو للاسف كما نراه بطريقة غير لائقه ومؤسفة من عدد من المسئولين ... ولا اعتقد أن هناك من اختلف على اهمية قضية توفير المياة لكل مصرى يعيش على أرض مصر ونحن فى العام السابع من القرن الحادى والعشرين ، ولا اعتقد ان هناك عجز فى الامكانات اللازمة لحل هذة القضية ولكن بكل دقة أرى ، أولا : عجز فى وضع قضية توفير المياة لكل المصريين كأولويه أولى ... وثانيا : سوء استخدام للمعلومات والقرار العلمى لبناء بنيه وشبكة المياة المصرية اللازمة لحياة المصريين ... وثالثا : سوء توزيع فى الموارد المحدودة على الاولويات الاكثر اهمية ... ورابعا : قصور عام فى فكر وتوجه المجتمع نحو القضاء على الفقر كأولوية مطلقة وتمكين الفقراء كركيزة للتقدم ... وخامسا : غياب لقضية العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية واهمها التكافؤ والعدالة ليس فقط فى توفير فرصة عمل ورغيف عيش ولكن الاهم فى توفير كوب مياة نظيف للشرب وللطعام ... ومن المفارقات ان متوسط استهلاك المياة للمصريين قد زاد منذ اوائل الثمانينيات ومع ذلك هناك مناطق محرومة (وعطشانه) ... ومن المفارقات ايضا أن سوق (ما يسمى المياة المعدنية) قد زاد فى مصر بدرجة كبيرة فى نفس الفترة نتيجة عدم ثقة المصريين وعلى رأسهم الحكوميين فى نظافة المياة من شبكة ومرفق المياة المصرية ... واتسائل – وأنا اساسا مهندس – ما هى تكلفة ان نوفر مياة نظيفة من مرفق وشركات المياة فى مصر ؟ هذة ليست بدعه فنحن جيل كنا نشرب المياة الجيدة فى منازلنا مثلنا مثل دول اخرى كثيرة متحضرة ومتقدمة تشرب وتستخدم المياة فى الشرب والطهو بل والاستحمام وفى طفولتنا كنا نتعلم ترشيد المياة وكان التليفزيون المصرى يعلن دوريا اهمية ترشيد المياة فى المنازل ... ويشير التقرير السنوى لعام 2006 بعنوان " انجازات مصرية " والذى يصدره مركز المعلومات ودعم القرار ان نصيب الفرد من مياة الشرب النقيه قد زاد من 130 لتر فى اليوم عام 1981 الى 305 لتر فى اليوم عام 2005/2006 حسب التوقعات وكانت فى العام الذى يسبقه 295 لتر فى اليوم ... وهذا يعنى انه رغم تضاعف عدد السكان تقريبا فان استهلاك الفرد للمياة قد تضاعف مرتين ونصف ... ولكن هل يشعر بهذا كل المصريين ؟ الاجابه لا ولسببين معروفين - وآن لنا التصدى لهم - الاول : ان هناك قرى محرومه لا يصلها المياة ، والثانى : ان هناك فاقد فى استخدام المياة كلنا كمجتمع مسئولين عنه من الحكومة الى معظم المصريين فى عدم الاكتراث بأهمية المياة وقيمتها وتكلفتها ... المياة هى اهم ثروات الشعوب ... هى اهم من البترول واهم من المال ... ولكن المصريين يتعاملون معها مثلما يتعامل بعض الاغنياء مع المال بأنه لا يمكن ان ينتهى او يزول ... وقد اشار برنامج الحكومة فى العام اثانى من البرنامج الانتخابى للسيد رئيس الجمهورية الى التوسع فى توصيل القرى المصرية بمحطات تنقيه رئيسية وان وزارة الاسكان والمرافق هى التى تقوم بهذا وانه تم انشاء 27 محطة فى العام الاول وجارى تنفيذ 44 محطة هذا العام واشار الى الانتهاء من مشروع توصيل المياة لباقى القرى المحرومه وانه تم الانتهاء من 162 قرية وباقى 38 قرية ... فما هى اسماء القرى التى تم الانتهاء منها ؟ وما هى باقى الـ 38 قرية الباقية ؟ ... لقد اثارت الصحافة المصرية قضية " عطش المصريين " وكان مثلا لابراز الآم المجتمع فى عصر بلا سقف لحرية الصحافة والاعلام ... ومع الاحترام والتقدير لكل ما قيل وعرض ومنها ارقام جميلة ومنها المزايدات ... لكن سؤال واحد يطرح نفسه متى يتم توفير كوب مياة نظيف لكل المصريين بعدالة وتكافؤ ؟ وما هو الجدول الزمنى الدقيق لكل المشروعات التى تغطى كل المحافظات ؟ وهل فعلا ما بقى هو 38 قرية ؟ أم هى قضية لا تنتهى كما قيل إلا فى منتصف القرن ؟ ... هل هذا كلام مسئول لشعب طيب واصيل ... وللحديث بقية