جريدة الأخبار – الأربعاء 14 مايو  2008
الاورومتوسطيه ... الأمل والواقع

أثارت الكلمة التى القيتها فى ملتقى المال والاستثمار العالمى بتونس بشأن الاورومتوسطيه ردود افعال اكثر مما توقعت . وفى اعتقادى انه هناك غياب لرؤيه دقيقة وواضحه لما يجب أن تكون ، خاصة وأن التاريخ اثبت صعوبة أن تقوم الدول والحكومات العربية – فى شكلها الحالى – بصياغه رؤيه وتوجه تتفق عليه وتقوم بتنفيذه . والتاريخ اثبت ايضا معظم هذه الدول العربية تعيش دون رؤيه حقيقية للمستقبل والقليل منها يسعى لتغيير هذا الواقع الى مستقبل افضل بل أنه يغيب عن معظم هذه الدول اطار وفكرة المشروع القومى ... فهل لنا أن نتطلع الى "المشروع العربى" أم أن هذا حلم لا يمكن ان يتحقق ؟ وما بالنا بالمشروع المتوسطى فهل هو خيال أم احتياج ؟ وهل هى مغامرة أم مقامرة ؟

المشروع المتوسطى – بتعريفى – وليس بما يجرى فى المطبخ الفرنسى لساركوزى – هو توجه يمكن أن يحدث لمصر والمنطقة ما احدثته حرب اكتوبر فى العالم وما احدثته مبادرة السلام المصرية للمنطقة بعد ذلك ... واقصد بذلك التحول الجذرى فى الاطار والتوجه والمعطيات والاهداف .الى ما يمكن أن يحقق للاجيال القادمة احلامها وطموحاتها فى الازدهار والرفاهيه مع الحفاظ على الهويه الوطنية . والرؤيه بمنتهى الدقة ان يكون توجه المشروع المتوسطى لما يلى اولا : خلق منطقة سلام واستقرار فى حوض البحر المتوسط خاصة فى جنوبه وشرقه ، ثانيا : تنفيذ مشروع "القرن" لتنمية جنوب البحر المتوسط ويشمــل خلق مائه مليون فرصة عمل ، وعشرين مليون مسكن ومائة الف مدرسة ، ومائة جامعة عالمية ومستشفيات وطرق وبنيه اساسية وخدمية ... الخ بمعايير واهداف محددة . ثالثا : العمل على خلق مناخ مشجع عادل للتعاون والتنافس للافراد والمؤسسـات . رابعا : خلق سوق اقتصادية (مشتركة) . خامسا : احترام الخصوصية الثقافية والدينية والعادات والتقاليد . سادسا : الحفاظ على البيئة . سابعا : تنفيذ برامج متكاملة للتنمية المستدامة قطرية واقليمية . ثامنا : توطين التنمية . تاسعا : العقد الاجتماعى للقضاء على الفقر والجوع والتسرب من التعليم والرعاية الصحية الاساسية والمساواه بين الجنسين ... بما يعنى تحقيق اهداف الالفية . عاشرا: حرية المرور والتنقل للافراد والبضائع بين دول الاورومتوسطيه (دون تأشيرات ودون جمارك) .

الرؤية ببساطة ان يكون جنوب المتوسط مثل شماله من حيث الاستقرار والسلام والتقدم والرفاهيه للانسان ... بفرص عمل وبشباب يحقق احلامه فى اطار يشجع وفى سوق سوق حر يشجع تنافسيه تعتمد على القدرة والعلم والابداع وديموقراطية تحترم كل رأى وعدالة اجتماعية تحترم حد أدنى لرعاية صحية وتعليم ونقل ومواصلات ... وببساطة نأمل أن يكون مجتمع جنوب المتوسط دون طوابير خبز أو بطاقات تموين ، وأن يكون بوسائل نقل ادميه وطرق لائقه ، ومجتمع يشعر الفرد فيه بالانتماء له بدلا من الهجرة منه ... ببساطة نأمل أن يكون شمال وجنوب المتوسط مجتمعا يحترم الاديان ولا يتعرض لها ... ونأمل ايضا أن يكون متجانسا فى التقدم الاقتصادى والرعاية الاجتماعية والرفاهية الانسانية وتشجيع الفنون والآداب والفكر والتنوع الثقافى واحترام البيئة ... بل أن يمتد ذلك الى الشباب والرياضة ونرى برشلونه يلعب مع الاسماعيلى والمولوديه مع تشيلسى وغيرها ... تقدمنا كعرب أم تصنعه كأفراد أو كعائلات أو كعشائر أو كدول أو كعرب أو بنظرة مختلفه كما فعلت اوروبا منذ 50 عاما وضعت وحققت حلمها بعد الحرب العالمية ... فهل يمكن ان نفكر فى اثراء ورخاء واتحاد اربعمائة مليون عربى واربعمائة مليون اوروبى فى عام 2020 ؟ بداية التقدم فكر ومعرفة وعقول وقلوب تشعر بالمسئولية ... ولدينا ثروة فى أكثر من ثلاثمائة مليون عربى .