جريدة الأخبار – الأربعاء 20 أغسطس
2008 قمة الشعوب ... وشعوب القمة (6)
القمة هدف ورؤية . تبدأ بحلم ورغبة وعزيمة وتتحقق بالعلم والخبرة والمهارة والابداع والعمل الجاد والشاق . ومنهاج الوصول الى القمة هو واحد بالنسبة للأفراد والشركات والمؤسسات والدول ... ولعل من الامثلة الواضحة – بل والصارخة – هو ما نراه ونتابعه فى الدورات الأولميبية ومنها اولمبياد بكين بالصين . ويتسائل المصريون عن أسباب الاداء الرياضى المصرى مقارنة بأداء نظائرهم من الدول الأخرى ... وبفرضيه تساوى القدرات البشرية وخصائصها عند الولادة ما الذى يجعل شاب امريكى يحصد ثمانية ميداليات ذهبية ويصنع القمة الاسطورية الغير مسبوقة والتى يتابعها العالم لمتسابق فى اولمبياد . وما الذى يجعل شباب بعض الدول يحصدون الميداليات ويصنعون القمة والتى وصل رصيدها حتى أمس الصين (60ميدالية) ، امريكا (64ميدالية) ، المانيا (22 ميدالية) ، استراليا (27 ميدالية) ، بريطانيا (25ميدالية) كوريا الجنوبية (22 ميدالية) ، اليابان (20ميدالية) ، روسيا (31 ميدالية) ، ايطاليا (18 ميدالية) ، وفرنسا (22 ميدالية) ... ثم يليها 22 دولة ثم تونس (ميدالية ذهبية واحدة) ثم يليها 12 دولة فالجزائر (2 ميدالية) ثم فيتنام وكينيا ثم مصر (ميدالية برونزية) ... هل من المنطق والعقل مع كل هذا الضجيج والصخب بل والازعاج الذى تحدثه الرياضة والرياضيون والاندية وادارتها فى مصر المحروسة ان نكون بهذا المستوى ... وهل تقدمت الرياضة منذ صفر المونديال الشهير أو خلال الـ 50 عاما الماضية... فهل نحن لا نرى ولا نسمع ولا نعى ؟ ... واذا لاحظ القارئ سيجد أن رصيد الجوائز فى الصين هو من نصيب دول تقفز اقتصاديا واجتماعيا الى القمة وتنطلق فى سير التنمية ... بخطط وبرامج واضحة ومشهودة ...
وسؤالى لكم هل يمكن لمصر والعرب ودول جنوب المتوسط ان تصل الى القمة وتنتقل مما هى فيه الى افضل عشرة دول فى العالم اقتصاديا واجتماعيا ... لقد دعا الرئيس محمد حسنى مبارك بوصفه رئيسا مشاركا للمتوسطية الى صياغة رؤية لدول الجنوب تقلل الفجوة بين الجنوب والشمال الى 50% حتى عام 2030 و 80% حتى عام 2050 فى كافة المجالات ... سواء فى التشغيل وفرص العمل أم فى الاسكان أم فى التعليم أم الصحة والعلاج أم فى الامن الغذائى أم الرياضة ... وسؤالى الذى اطرحه اليوم كيف نبنى الجسم السليم لابناء الجنوب ... عقل وجسم وصحه وقدرة على العمل ... الرياضة ركيزة التقدم والغذاء احتياج للجسم وليس غاية لبناء الانسان والحفاظ على صحته وتقدمه ... والتساؤل كيف سيتم اطعام مائة مليون سيولدون من الان حتى عام 2030 فى دول جنوب المتوسط يمثلون (ثلث عدد السكان الحاليين والذى يصل عددهم الى 272 مليون نسمة) ... الامن الغذائى وتوفير الطعام هو قضية وتحدى وصرخة واستغاثة لشعوب ما لم تتحرك حكوماتها فأنها ستزداد فقرا وتضخما وغلاء ومجاعة .... فما الذى سيحدث بعد عشرين عاما هل سيكون الحال كما هو عليه من غلاء وتضخم وفقر أم ان الماء والطعام سيكونا فى متناول الجميع ... المتوسطية تعنى العمل على ، اولا : اضافة ما لايقل عن عشرة ملايين فدان جديدة لدول الجنوب ، وثانيا : التعاون لزيادة الانتاجية والمساحة المحصولية ورفع كفائته ، وثالثا: تقليل الفاقد فى الانتاج الزراعى وتوزيعه بما لا يقل عن 30% ، ورابعا: انشاء صندوق للامن الغذائى يعمل على تحقيق التوازن فى اسعار الغذاء للفقراء والفئات الاكثر احتياجا بل والمواجهة الحاسمة لتحدى حق الانسان فى الغذاء والخبر بسعر فى مقدرته وحقه فى كوب ماء نقى يشرب منه وعائلته ... والتحديات التى ستواجه مبادرة الامن الغذائى تشمل ( أ ) آليه تحرير التجارة الزراعية مثل ما قامت به دول الاتحاد الاوروبى والاستفادة بالايجابيات وتجنب السلبيات . و(ب) كيفية معالجة الآثار السلبية لدعم المنتجات الزراعية فى الدول الاوروبية مثل الالبان واللحوم والحبوب وآثارهاعلى دول الجنوب ... الامن الغذائى الانسانى هو أساس للحياة والوصول للقمة يتطلب توفير اساسيات الحياة من غذاء وماء وملبس ومسكن وتعليم وصحة ... تحدياتنا واضحة ... رؤيتنا لكيفية مواجهة هذه التحديات هو الذى سيحدد الوصول الى القمة أو التنافس فى القاع بضجيجه وصخبه وفقره ... والرسالة واضحة للشباب والشركات والدول هو أن الوصول الى القمة ليس عمل عشوائى ولكنه خطة بهدف ورؤيه ورغبة وعزيمة وعمل جاد وشاق ... وللحديث بقية