جريدة الأخبار – الأربعاء 17 أغسطس
2011 إنقاذ الوطن ... والحسابات الخاطئة (13)
مصر في خطر ... والثورة والشعب علي شفي الهاوية ... نجاح الثورة الحقيقي هي في أن تتحول إلي ثورة بناء وتقدم ونهضة ورخاء من خلال ثورة اقتصادية وإنتاجية وتعليمية وسياحية وخدمية وأخلاقية ... ما يحدث أنها تتحول إلي النموذج اللبناني وتتحول إلي نموذج "العراق" بسرعة أكبر مما نتصور ... يجب أن ننقذ الوطن ونحول الدفة لاتجاه السلام والبناء ، والمحبة والوحدة ، بدلا من الانهيار والهاوية ، والضعف والكراهية ... والتساؤل من الذي سيقوم بذلك ؟ الإجابة الدقيقة هي قيادة وشعب ... فإذا كان الشعب موجود فمن هي القيادة القادرة علي لم شمل شعب ونشر الأمن والآمان بالوطن وبعث الاستقرار والسلام في ربوعه وتعبئته للبناء والتقدم ؟ ... ما هي القيادة القادرة علي بناء نهضة ودولة مصرية عصرية ؟ ... إذا أردنا إنقاذ الوطن علينا قراءة تراكمات الأحداث والاعتراف بالحسابات الخاطئة ... وإذا أردنا تدمير مصر فعلينا أن نستمر في تقسيم الوطن عقائديا ومذهبيا ، سياسيا وحزبيا ، اقتصاديا واجتماعيا ، فئويا وجغرافيا ... وقد شمل ملف الحسابات الخاطئة العديد من المواقف والقراءات والقرارات ... وشمل ذلك ما يلي أولا : تصور أن ثورة الشعب هي ثورة شباب فقط أو ثورة أحدي تيارات المجتمع بكفاحه الأوحد ... ثورة الشعب حدثت من أجل الأمل والكرامة والديمقراطية والعدل والتكافؤ والحق في الحياة لكل المصريين ... بدأت بتظاهرات لشباب واتجاهات وطنية مناضلة وانضم لها بعد أيام كل قوي الوطن بما فيها الأخوان المسلمين والعمال والفلاحين والأحزاب الليبرالية ... وكل ما هو وطني وضد الظلم والفساد بما فيهم من مصريون شرفاء كانوا بالحزب الحاكم وحاربوا الفاسدين في النظام والحزب ... ومن الحسابات الخاطئة اختزال الثورة في أنها ثورة شباب أو ثورة أخوان أو ثورة أحدي الحركات الوطنية دون أخري ... تصنيف المجتمع إلي ثوري واقل ثورية وخائن وحزب وطني وفلول يؤدي في النهاية إلي تقسيم الوطن سياسيا وفئويا ولا قدر الله جغرافيا . ثانيا : من الحسابات الخاطئة أيضا هو الشحن والتعبئة الإعلامية الغير مسبوقة لإظهار "مصر السوداء" علي أنها كل مصر وأنها كل عصر وكل زمن وكل شخص وعدم إظهار صورة "مصر البيضاء" أو التوازن فيها عبر الزمن وعبر القضايا بل عبر الأشخاص أيضا ... ولم ينبه الأعلام والإعلاميين إلي ما سيحدث من تدمير لهوية وطن وللدولة وللثوار بل وللأمل ... ما حدث يشبه ما قام به الرئيس بوش الابن في أدارته التاريخية المدمرة ضد العرب والمسلمين والذي سنظل ندفع ثمنه لعشرات السنين ... فهل يمكن للمصريين والإعلاميين الراشدين استعادة الدفة والهوية للأعلام المصري ليعود إلي اتزانه ورشده كي يساهم في بناء الوطن والثقة والسلام والمحبة والاقتصاد والإنتاج والعمل والحوكمة والقيم . ثالثا : من الحسابات الخاطئة أيضا عدم توفير المعلومات للشعب وللعالم فمن المسئول عن عدم توفير المعلومات عن الوطن وما مس أمنه من قتل ؟ من أطلق الرصاص ؟ من هدم السجون ؟ من هرب السجناء ؟ من اقتحم مقار أمن الدولة ؟ ومن تسبب في الانهيار الأمني ؟ وترويع المواطنين ما هي قائمة ضحايا ما بعد الثورة ؟ ... وعلي الجانب الاقتصادي ما حجم الخسائر الاقتصادية لمصر في الاستثمار والبورصة والسياحة والإنتاج وفرص العمل وغيرها ... أين المعلومات... المصريون أذكياء ويعرفون من يقود ومن يهمل ومن يخدع ومن يجرم في حق الوطن ... إخفاء المعلومات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية عن الشعب هو جريمة كبري في حق المصريين ... المعلومات حق ... والمعلومات حياة ... والمعلومات تنمية .