جريدة الأخبار – الأربعاء 23 ابريل  2014
خريطة الطريق ... وبناء الدولة (3)

الوطن دولة ، والدولة وطن ... هل لمصر خريطة طريق اقتصادية واجتماعية ؟ وهل هناك خريطة طريق لبناء الدولة ؟ وهل مصر في احتياج لبناء دولة عصرية ؟ وهل يمكن التقدم بمجتمع أو دولة عشوائية ؟ ... أتفق المصريون علي خريطة طريق سياسية بعد ثورة 30 يونيو تشمل دستور ، ورئيس ، وبرلمان ... وأستغرق ذلك ما يقرب من عام ... وشكلت للآن حكومتين سعت الأولي وتجاهد الثانية إلي إنقاذ وإصلاح الوطن ... تحديات مصر هي أولا : تحديات أمنية تهدد أمان وسلام واستقرار المجتمع ، وثانيا : وتحديات اقتصادية تهدد فرص العمل والإنتاج والدخل والاستثمار ، وثالثا : تحديات اجتماعية تمس كل مصري في يومه وعمله وأبناؤه واستقراره ، ورابعا : تحديات ثقافية وفكرية تهدد العقل والروح والتعددية وقبول الآخر ، وخامسا : تحديات دينية تهدد الوسطية والوحدة الوطنية ومواجهه التطرف والإرهاب ... الخ ، وسادسا : تحديات تشريعية وقانونية وتطبيق القانون تهدد علاقة الفرد بالآخر ، وعلاقة المواطن بالمجتمع الذي حوله ... أو فيما يسمي "دولة القانون" ... وسأتوقف عند جوهر ومفهوم الدولة وأتساءل هل يشعر المصريون أن الدولة عادت لمصر ؟ ... هناك فروق جوهرية بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة ... الدولة هي مؤسسات وتشريعات وقوانين وأجهزة تحكمها ودستور واضح المعالم والحكومة هي الجهاز التنفيذي الذي يعمل علي تحقيق أهداف الوطن وشعبه ودستوره ومؤسساته و "كيان الدولة" وفق التشريعات والقوانين المحددة ، وهي في ذلك تسعي إلي ضبط علاقة الفرد بالآخر وضمان عدم تجاوزها أو علاقة الفرد بالمجتمع وضمان توازنها ... ويتساءل المصريون هل لازالت هناك تجاوزات من الفرد ضد المجتمع ومن الفرد ضد الآخر ... نعم هناك محاولات ومبادرات لإعادة هيبة وكيان وشكل وإطار " الدولة المصرية " . ولكن لازال المجتمع يعاني من تداعيات الفوضى الخلاقة التي توالت بعد ثورة 25 يناير واقتحام السجون والهجوم علي أقسام الشرطة والمنشآت الحيوية ... يعيش المجتمع أيضا توابع مسلسل الهدم والدمار وما تلاه من قطع طرق وخطف وسرقات وابتزاز واعتداء علي الأرض واغتصاب للإعراض للممتلكات ... يعيش المجتمع أيضا إرهاب وقتل وسفك للدماء واغتيال للأبرياء وغيرها مما ارتكب في حق شعب مصر وأهل مصر ، وأطفال وأبناء وآباء وأجداد من يعيش علي ارض مصر الطاهرة تاريخا ... هذه الجرائم الدامية والمظاهر المؤسفة والتي زادت حدتها في الثلاث سنوات الماضية عن أضعاف ما كان يحدث من قبل تثير تساؤل جوهري عن متى تعود الدولة كما يعرفها ويحلم بها المصريون للوطن ؟؟؟ ... تابع المصريون تجاوزات حكم 30 عاما والمحاكمات المتتالية بل والتاريخية لرموز النظام السابق وفيها ما ثبت أدانته وفيها ما تقرر براءته من القضاء المصري ، وتابع المصريون أيضا مسلسل الدمار والإرهاب لعهد الإسلام السياسي وتوابعه ... وبل والمحاكمات التي تتم حاليا لمن استخدم الدين شعارا ، والدمار والقتل والسرقة مذهبا ... تابع المصريون العمل الجاد للحكومة الحالية في إزالة التعديات علي أراضي الدولة وهي رسالة قوية لكل خارج علي القانون ... ولكن يتساءل المصريون علي ما هو حجم التعديات علي أراضي الدولة وأملاك الدولة ؟ ... بل ويتساءلون أيضا ما هو حجم التعديات علي أراضي المواطنين ؟ ... هل الحكومة تعمل وستعمل علي إنهاء التعديات في الوطن أم أنها ستكتفي بإظهار العصاة ... ما هو الفرق بين إرساء ركائز الدولة أو الاكتفاء بإظهار هيبه الحكومة ؟ ... ما يطالب به المصريون هو دولة وحكومة ... الشعب يتابع أيضا الجهود المخلصة للشرطة المصرية ولجيش مصر في القضاء علي الإرهاب والجريمة ... وآن الأوان – بالإضافة الي ذلك - لترسيخ مفهوم إعادة بناء الدولة المصرية العصرية ... هذا المفهوم يتطلب أولا البدء الفوري في برنامج للإصلاح التشريعي في إطار الدستور الجديد وللقضاء علي غابة القوانين وتراكماتها وثانيا خطط لتدعيم وترسيخ وتنفيذ القانون وثالثا أعداد وتنفيذ خريطة طريق لعودة الأمن والآمان للوطن ورابعا أعداد وتنفيذ خريطة طريق لبناء الوطن بأسلوب عصري ... عودة الوطن للمصريين تبدأ بإعادة بناء للوطن كما يحلم به كل مصري ... والبداية أن نعرف خريطة الطريق ... خريطة الطريق لبناء " الدولة الوطن" ... "والوطن الدولة" .