جريدة الأخبار – الأربعاء 7 سبتمبر
2011 إنقاذ الوطن ... وثقافة البناء
هل الثــورة بناء أم فوضي ؟ هل الثورة تقدم أم انهيار ؟ هل الثورة ابتسامة أم قلق ؟ هل الثورة وحدة أم انقسام ؟ هل الثورة محبة أم عداء ؟ ... ما أراه علي الساحة هو استمرار لمسلسل الفوضى والانهيار والقلق والانقسام والعداء ... وما أتمناه لمصر (العشق الأكبر لكل المصريين) هو البناء والتقدم والوحدة والمحبة والسعادة لكل المصريين ... كيف يتحقق إنقاذ الوطن ... أولا بالاتفاق أن مصر للجميع وليست لفريق دون الآخرين ... كل من ولد علي أرض الوطن هو مصري حر له كافة الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو بوضوح مفهوم "المواطنة" ... وثانيا التوجه إلي مفهوم المصالحة ... ما حدث في ميدان التحرير أمام عيني وبصيرتي في الفترة من 25 يناير وحتى 11 فبراير أنني رأيت فريق التقدم المصري يهتفون " وحدتنا سر قوتنا" وما حدث بعد ذلك وللآن أني رأيت فرقاء لوطن واحد من حركات وطنية عديدة الكل له احترامه وتقديره والاعتزاز به ولكن دون تعدي علي الحركات الوطنية الأخرى أو للتيارات الأخرى سواء كانت فردية أم جماعية طالما كان مواطنا مصريا صالحا وليس مجرما أو ممارسا للبلطجة أو التعدي علي الحريات ... ويري البعض وأنا منهم أن ثورة بحجم الثورة المصرية تحتاج لمانديلا وغاندي - أو علي الأقل لتبني منهجهم وللدروس المستفادة - في مصالحة أبناء الوطن وبناء أساس للمحبة والتقدم بدلا من نشر فلسفة وثقافة "الغدر" ... وثالثا التوجه إلي مفهوم "البناء والتقدم " ... فما هي خطة الحكومة لإعادة الإنتاج والتصدير كي تكون أكبر مما كانت عليه ؟ وما هي خطتهم لمضاعفة معدلات الاستثمار عما كانت عليه ؟ وما هي خطتهم لمضاعفة خلق فرص عمل عما كانت عليه ؟ ... وما هي خطتهم لإحداث ثورة للتعليم تنقل المصريين من ذيل قائمة التنافسية في العالم بترتيب 129 من 134 إلي قمة العالم كي نكون من أفضل عشرة دول ؟ وما هي خطة الارتقاء الخدمات الصحية كي نكون من أفضل عشرة دول ؟ وما هي خطة تطوير النقل في مصر لحكومة رئيسها كان وزير نقل ؟ وما هي خطط البنية الأساسية باجمعها كي يشعر المصريين بثورة البناء ويشاركوا فيه ... وكي يحدث ذلك يجب أن نري قيادة تنفيذية وحكومية تقود مصر لثورة البناء والتقدم فهي تحتاج جهد يماثل أضعاف حرب أكتوبر ... الإنتاج والتصدير والاستثمار والسياحة والتعليم المتميز لا يتحقق بالمظاهرات والانتفاضات اليومية والفئوية وصراعات الفضائيات ولا يتحقق بالبلطجة المادية أو السياسية ... البناء يتحقق بعمال وفلاحين ، وبعلماء ومهندسين ، وبأساتذة ومعلمين ، ورجال أعمال شرفاء يقودوا تقدم مؤسسات الإنتاج والخدمات الوطنية ... مصر مزدحمة بالشرفاء وعلينا إلا نصور أو نتصور أن كل من يبني ويستثمر وينتج ويمتلك هو مواطن مشتبه فيه ... مجتمع "العداء" هو مجتمع هدم ... ومجتمع "الثقة" هو مجتمع بناء ... والثورة بناء وليست هدم ... ورابعا ترسيخ مظلة "الأمن والآمان" لكل المصريين ... وما يحدث في الشارع المصري غير م مقبول ... وما سيحدث خلال الشهرين القادمين من أزمات ومشاكل مفتعلة وصراعات انتخابية وغيرها ... ينذر بإنفجارات اجتماعية وسياسية ما لم يمكن تداركها وينذر أيضا بتهديدات للأمن القومي المصري ... فلا يمكن أن يتحقق بناء واستثمار وتقدم ومحبة ووحدة دون مظلة أمان وأمن لكل المصريين ودون معلومات ودون إعلام ودون إخلاص ووطنية ونزاهة ومراعاة الله في وطن يحتاج لكل المصريين ... يعيش المصريون - الآن - تحدي الاختيار بين جموع الشرفاء الذين يؤمنون بثقافة البناء وبين الانتهازية التي تسرق ثورة الشعب وتهدر جهد جيش الشعب في صراعات وأزمات جانبية عن جهل أو عن عمد .