جريدة الأخبار – الأربعاء 12 سبتمبر
2012 تمكين الفقراء ... وفجوات التنمية (2)
الفقر هو نتاج ما يقوم به المجتمع ، والزيادة في حدة الفقر هو انعكاس لفكر هذا المجتمع ... اتساع انتشار الفقر هو نتيجة لما اسميه " فكر الفقر " ... وعدم انحسار والزيادة في عدد الفقراء في المجتمع هـو دليـل على اولا : عدم ادراك حكومات متعاقبة لقضية الفقر ، وثانيا : عدم إدراك أو وصـول التنميـة إلـى أهـم الفئات والقطاعات ، وثالثا : هو نتيجة مباشرة الي غياب الرؤيه والعلم والخبرة للقضاء علي الفقر وانتشار " فكر الفقر " ... والمجتمع المصري يشهد بعد نصر أكتوبر أي منذ ما يقرب من ثلاثين عاما انفتاحا وبناء ونماء تحول فيها من نكسـة أمة اشتراكية المذهب تسيطر فيها الدولة على ثروات المجتمع وتوزعها على أفراده ، إلى رأسماليه التوجه تسعى الدولة فيها إلى خلق المناخ المستقر والآمن والعادل ليتنافس فيها أبناؤه للتقدم بهذا المجتمع إلي تدمير للطاقات الإنتاجية والقدرات التنموية لوطن بعد ثورة بدأت مميزة ... وبين العقيدة الاشتراكية للبعض والشراهة الرأسمالية للبعض الآخر يتصـارع وأحيانا يتنافس المصريـون كل مـن أجل حياة أفضل له ولأسرته وبين الاشتراكية والرأسمالية من جهة والبلطجة وقوي التدمير من جهة أخري يتصارع الوطن بين الإسلاميين الجدد وكل ما هو قديم يتصارع علي كل ما بقي في وطن ... والسؤال الأكثر إلحاحا هل لدينا الإطار والنموذج الذي يحقق لنا كمصر التنمية الأفضل والفقر الأقل . وبعبارة أخرى هل ممكن تحقيق التنمية والتقدم في إطار عالم تشابك وترابط وانفتاح في سوق حر يزداد اتساعا مع تمكين الفقراء لكي يكونوا ضمن مجتمع يعمل ويتقدم ويزدهر . التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفقراء يعنى أخراجهم من دوامه اليأس وإدخالهم إلى طريق الأمل . وأعنى بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفقراء هو تحديد للقدرة والمقدرة على تحقيق ما يحتاجه الإنسان ، (اولا) اقتصاديا من دخل هو نتاج عمل وجهد . و(ثانيا) اجتماعيا برعاية – إنسانية – غير طبقيه تضمن الحد الأساسي من الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية والاجتماعية وبالجودة المطلوبة . والفقر – في نظري – هو نتيجة مباشرة لما اسميه فجوات التنمية . وهذا يحدث لأسباب عديدة لعل أهمها (1) غياب فكر وعلم وثقافة التنمية في مواقع متعددة تؤثر على المجتمع . (2) عدم وجود الموارد الكافية أو استخدام هذه الموارد الاستخدام الأمثل . (3) التعليم . (4) عدم وجود الإطار الذي يسمح بزيادة الاستثمارات وخلق فرص العمل . (5) عدم الترابط بين خطة التنمية وخريطة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والبشرى في كل محافظة ومدينة وقرية . (6) غياب تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة وغيرها . ورغم انحسار الفقر في بعض المناطق مثل المناطق الملاصقة للمدن الصناعية السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان والتي تشهد ندرة حادة في العمالة المدربة إلا أننا نرى اتساع لفجوات الفقر والبطالة في بعض المحافظات خاصة في صعيد مصر ... وقد يكون مفيدا أن نبدأ بخريطة التنمية وهى بدقة وصف لواقع المجتمع المصري ولكل محافظة ومدينة وللقرى الرئيسية من حيث (1) نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي 0 (2) نسبه الفقراء للسكان ونقسمها لنسبه الفقر ونسبه الفقر المدقع . (3) مؤشرات الصحة وتشمل توقع الحياة عند الميلاد ومعدلات الوفيات بين الأطفال اقل من عام ونصيب السكان من كل طبيب . (4) مؤشرات مياه الشرب وتشمــل نسبه الأسر المخدومة لشبكة المياه العامة ومتوسط استهلاك الفرد من مياه الشرب النقية . (5) الصرف الصحي وتحديدا نسبه المباني المحرومة من الصرف الصحي . (6) التعليم ويشمل نسبه الأميين إلى إجمالي عدد السكان ونسبه المقيدين في مراحل التعليم المختلفة . (7) الكهرباء ويشمل نسبه الأسر المستخدمة للكهرباء ومتوسط استهلاك الفرد من الكهرباء سنويا . (8) رغيف الخبز ويشمل نصيب السكان من المخابز . (9) الخدمات الشبابية والأندية الرياضية ومراكز الشباب . (10) نسبه البطالة . (11) الطرق والمواصلات وحالتها وتكلفتها للمواطنين . (12) الخدمـات الاجتماعية وفاعليتـها أو سلبيتـها . وقــد تكــون مفاجــأة الكثيرين إن هـذه الخريطة "المعلوماتية" موجودة وبياناتها متوفرة … هناك خريطة للتنمية تحدد الفقر في مصر " فريدة علي مستوي العالم " شرفت بإعدادها مع عقول وطنية لكل محافظة في مصر ... خريطة الفقر هي الوجه الآخر لخريطة التنمية تحدد واقع التنمية وفجواتها في كل محافظة وكل مدينة بل وكل قرية ... هذه الخريطة – التي تحدد الواقع المصري - هي الأساس لتمكين الفقراء ولتقدم المجتمع ولاستثمار النجاح الاقتصادي على المستوى العام إلى تقدم ونجاح اجتماعي ولفرصة عمل تنقل فقيرا من بطالة دائمة إلى طاقة متجددة يشارك ويساهم في بناء وطن هو صاحبه وجدير به ... الفقر هو عدو مصر الأول .