جريدة الأخبار – الأربعاء 16 فبراير
2003 ابناؤنا بين الشرق والغرب
أبناؤنا هم الحاضر والمستقبل ... حديثنا عن التنمية وعن التطوير ، عن الإصلاح والتغيير، وعن المعلومات والمعرفة ..هو في جوهره حديث عن أجمل ما نحب جميعا...الابن والبنت والحفيد ... ولكننا نعيش وأولادنا في عصر يغلبه حيره بالغه ! ونواجه بطوفان أساسه ثورتان الأولي ثوره المعلومات
(الموجة الثالثة ) مثلما عرفها توفر "Toffler" وهي نتاج التقدم العلمي والتقني والمعلومات وتراكمها وتوظيفها لتنميه وتقدم ورقي الإنسان في معظمه إما ثوره الانقسام العالمي "الموجه الرابعة" فهي نتاج لما حدث من تخبط وانهيار وتفكك وتنافر وعنف وحده وكراهية بعد 11 سبتمبر ، يوم صعق العالم جميعا واستنكر الإرهاب ... ولا تزال تداعياته مستمرة .
وكان من نتاج ما حدث حتى الآن هو فيض من التعبئة الاعلاميه والفكرية تمثل طوفانا إخباريا ومرئيا وصوتيا بل ومكتوبا في الصحف والانترنت والكتب ويعكس مداً من العنــف متزايدا بشكل غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية وازداد تحيزا : (1) يهاجم فيه الحق بالباطل0 (2 ) والضعف بالطغيان . (3) والأعزل بالسلاح. (4) والحجارة بالدبابات وتتركز دوائره علي فلسطين والعراق من جهة بل امتد للعرب والمسلمين في نواح أخري .. ونتج من هذا صور من العنف والإرهاب الفكري والنفسـي (1) الأفراد يشاهدون الفضائيات ويتفاعلون بها . (2) وممارسات متحيزة لبعض المؤسسات الاعلاميه أو التنظيمات الدينية المتطرفة من معظم الأديان . (3) أو تسلط دول سواء كان ذلك عسكريا أو سياسيا أو فكريا ... وفي وسط هذا الإعلام المتلاحق الإحداث يلهث المجتمع المسالم والذي ينشد الحياة والتقدم والسلام .
وأتساءل عن تأثير ما يراه الأطفال والشباب عبر الفضائيات في حاضرهم ومستقبلهم ؟ وعما يجب أن نفعله لتحقيق التوازن الفكري والنفسي لطفل وشاب تنشد فيه قياده المستقبل ؟ وأتساءل أيضا أي طفولة نحن نرعاها ؟ تري ما الذي سيحدث لهم ؟وما تأثير ما يرونه ويقراؤنه ويشاهدونه ويعيشونه عليهم بعد ذلك وفكرا وسلوكا ؟ علما وعملا ؟ خبره وممارسه ؟ هل حياتهم ستكون مثلنا... أو أفضل منا أو أسوأ مما عشناه ؟ وهل هناك ما يجب القيام به فكرا وإعلاما وعملا وممارسه للحفاظ علي ثروة العالم الانسانيه من طفولة وشباب هم المستقبل ... وهم عقل وفكر وروح وقلب مجتمع المعرفة .
ويحضروني هنا ما قاله لي الأستاذ إبراهيم المعلم منذ عده أيام عن الاديبه الشابة راندا غازي والتي فازت بالجائزة الثانية للأدب علي مستوي ايطاليا وهي تعيش هناك منذ ولادتها ( منذ 15 سنه ) من أب وام مصريين , وعاشت الانقسام الحقيقي بين قيم وفكر الأهل وما تراه في المدرسة وبين أصدقائها ... حتي أنها لم تكن تعني ما يقوله والدها بأننا انتصرنا في حرب أكتوبر ولم تدرك إلا بعد ذلك حين بدأت البحث في رحله المعرفة . وكانت لفترة ضحية لصراع بين الشرق والغرب . إلي إن صدمت يوم قتل الطفل محمد الدره بين أحضان أبيه ... وسارعت راندا للتعرف علي الحقيقة وكتبت عن فلسطين كما اكتشفتها من حقائق .
وفي عالم يغزو التليفزيون كل منزل والانترنت أكثر من خمسمائة مليون مشارك يجب أن نعبئ أبناؤنا للبحث عن الحقيقة وللكتابة والحوار والتمسك بالقيم والأخلاق والسلام ونشر ما يرونه لتقدمهم وتقدم العالم وبأن يتم توظيف تكنولوجيا المعلومات والانترنت والتليفزيون " للعصر الجديد والموجه الرابعة " بلغه العقل والسلم والحوار والاحترام المتبادل للرأي الأخر .. ولا يمكن أن نترك صراع أبنائنا بين الشرق والغرب .. والماضي والحاضر ... والحاضر والمستقبل ... والوطن والعالم ..والعروبة والعولمة ... وبداية عصر جديد هو فكر جديد . ورؤية وكتابة وحوار وعمل ... وللحديث بقية