جريدة الأخبار – الأربعاء 22 أكتوبر
2008 مصر وإعصار الرأسمالية (2)
ما الذى يحدث فى العالم ؟ وماذا يحدث فى مصر ؟ ... لقد هز إعصار الانهيار المالى للاسواق والمؤسسات العالمية كل الدول المتقدمة وأصبحنا نتابع كل ساعة ما يجرى من لقاءات لقادة دول العالم المتقدم فى محاولات مستميته لادارة الازمة المالية والاقتصادية العالمية الحادة . وعلى التوازى نتابع ايضا الصراع المستميت لكل قادة ورؤساء وادارات الشركات والمؤسسات المالية والصناعية الكبرى لعبور الازمة وعدم الضياع فى اعصار هو الاكبر والاقوى تأثيرا وحجما على شعوب العالم على الاطلاق والأكبر فى الولايات المتحدة منذ عام 1929 ولعل أهم ما تعكسه الاخبار المتلاحقه انه اولا : "تدخل الحكومات بقوة لمؤازرة البنوك والمؤسسات المالية" . وعلى وجه المثال رصدت الولايات المتحدة الامريكية بعد موافقة الكونجرس سبعمائة بليون دولار منها مائتى وخمسين بليون دولار رصدتهم وزارة الخزانة الامريكية للاستثمار المباشر فى البنوك لضمان ديونهم والمساهمة فى تشجيع الاقراض . وتلى ذلك اوروبا مجتمعه وحكومات كل دولة على حدة والتى اتاحت (1) اموال للاستثمار المباشر لتقوية وانقاذ البنوك و (2) ضمانات للبنوك الاوروبية حتى ديسمبر 2009 و (3) مساندة للاقراض بين البنوك . وثانيا : "تأكيد قادة دول العالم اعلاميا وفعليا أن الأزمة تتصدر اجندة عملهم بل والترحيب المتتالى بالقمة العالمية والقمم الاقليمية لحل الازمات" . وثالثا : " تذبذب الأسواق وتتابع الأزمات " ... لازالت الأسواق تتذبذب بدرجة كبيرة وتتوالى وتتلاحق أزمات بنوك وشركات عديدة عالمية ومحلية مما يزيد من عدد الأزمات وحدة الأعصار . ورابعا : " فقدان الثقة " ... فنرى فى الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا موجات متلاحقه من فقدان الثقة فى الأسواق أثرت على انهيار قيمة الأسهم بل هو أيضا فقدان الثقة فى ادارة الرئيس بوش للأزمة وفى بعض القادة الأوروبيين ومنهم براون . وخامسا : "الدعوة الى نظام مالى وإطار اقتصادى عالمى جديد " ... حيث يرى البعض فجوات وعيوب ما حدث فى اطار النظام الحالى نتيجة لعوامل عدة منها عدم وجود ضوابط ، والأقراض المتسيب بين البنوك ، والجشع فى مديرى المؤسسات المالية والتلاعب ...الخ. ويتفق المتخصصين أن فقدان الثقة من عدمه يرجع لتدخل الحكومات والساسة لضمان ثلاث ركائز (1) استمرارية وقدرة البنوك فى اداء دورها ، (2) السيولة المتوفرة للبنوك لاداء دورها فى مناخ عالمى يعانى من قلة السيولة ، (3) عافية وصحة الاقتصاد . وسادسا : "العودة الى الحوكمه " ... وارتفعت نداءات العديد حول اهمية انضباط مجالس ادارات البنوك وادارتها التنفيذية ... بل أهمية اصلاح النظام الذى يحكم انضباط والرقابة على المؤسسات المالية والبنكية فى العديد من اسواق ودول العالم وأهمها الولايات المتحدة الامريكية نفسها . وهذا يذكرنا بفضيحة إنرون الشهيرة . وسابعا : "انخفاض معدلات النمو المتوقعة " ... تقود الولايات المتحدة وأوروبا والصين وتلاهم الهند مؤشرات لانخفاض معدل نمو أكبر الاسواق وقواعد الانتاج حجما . وثامنا : "إنهيار حائط برلين " ... بدأ عديد من المحللين السياسيين يتوقع إنهيار لاسطورة القوة الأمريكية ويشبها بالاتحاد السوفيتى بعد إنهيار حائط برلين الشهير والذى غير التاريخ . بينما يدعى البعض الآخر انه بداية لتصحيح هيكلى ومؤسسى لاطار الرأسمالية التقليدية سيخرج منه أقوى اقتصاديات العالم منتصرا وأقوى مما سبق ... نحمد الله أن اصلاح البنوك والمؤسسات المالية فى مصر قد بدأ منذ اربع سنوات واصبح اكثر أمنا وآمنا لمواجهة الازمات بل - وانشاء الله - الاعصار الاكبر . ولكن يتسائل الشارع العربى أين الدول العربية والمنطقة مما يجرى بالعالم . فإما نحن – كما يردد البعض – لن نتأثر ، وإما نحن لا نرى اهمية أو جدوى لعمل تدابير مشتركة حيث أن ارتباطات اسواق معظمنا هى بالدول الغربية ولا يوجد ترابط اقليمى حقيقى مالى أو اقتصادى ، وإما نحن مفعول به ... نقول ما نقول اعلاميا وننتظر توابع الاعصار بإسلوب لا حول لنا ولا قوة ...أين نحن ياعرب ؟ وما آثار ذلك على كل عربى ؟ ... وللحديث بقية