جريدة الأخبار – الأربعاء 10 ديسمبر  2008
الاستثمار فى الثقافة والتراث

الاستثمار فى الثقافة والتراث هو استثمار لحاضر ومستقبل أفضل ... وكنت قد تسائلت عن موضوع المناقشة لجلسة شرفت برئاستها بمكتبة الاسكندرية فى مؤتمر " الاستثمار فى التراث الثقافى والتنمية المستدامة " يوم الاربعاء الماضى !! ... وكانت الجلسة ممتعه مكانا وحضورا ومشاركة وتفاعلا ... فالمكان هو أحد الانجازات الثقافية العالمية المعاصرة لمصر ... وهو ايضا نافذة كبيرة كما أشرت مرات عديدة لعصر المعرفة ومجتمع المعرفة ... وكان موضوع الجلسة مختلف عن عنوانها حيث عرض اربعة نماذج لاستخدام تكنولوجيات المعلومات فى التراث وكان اعضاء الجلسة على مستوى متميز منهم متحدثان من اليونان عرضا نماذج تقنيه زكية رائعة لتسجيل التراث ، و د/احمد طنطاوى وهو احد علماء تقنيات المعلومات والذى عاد الى مصر مع شركة كبرى ساهمت وتساهم تقنيا فى عديد من المشروعات بمركز تسجيل التراث التابع حاليا لمكتبة الاسكندرية والذى تتعاون فيه وزارة الاتصالات والمعلومات مع وزارة الثقافة ومثله فى الجلسة ملك وهبه وهى شابة واعدة حاصلة على ماجستير فى العمارة والجغرافيا ، وكان معها من المركز نفسه ياسمين عبد النور وهى أحد الاعمدة الرئيسية لتسجيل التراث الموسيقى حين بدأنا أول جهد فى العالم فى التسعينات لتسجيل التراث فى المركز الاقليمى ومركز المعلومات ودعم القرار ... واحسست ان الجلسة تحيزت للتقنيه وبعدت عن الموضوع الرئيسى فدعوت المشاركين والمحاضرين الى تحديد ما الذى نعنى به للإستثمار حقا ؟ هل هو فى تقنيات المعلومات ؟ هل هو فى التراث ؟ هل هو فى الثقافة ، هل هو فى الانسان ؟ هل هو فى الحاضر ؟ هل هو فى المستقبل ؟ هل هو فى مشروع بعينه ؟ أم هو فى حياة افضل للانسان ؟ يجب ان تستند الى ما صنعه الانسان تراثا وحاضرا لبناء مستقبل افضل ... وبدون استثمار وتواصل وتراكم وإستدامة سنبدأ دائما من الصفر اجتهادا فى العلوم والاداب ، والاقتصاد والاجتماع ، والطب والهندسة ، الموسيقى والفنون ... الخ من نتاج حضارة وفكر وثقافة وحضارة الانسان ... فهل من الممكن أن يبدأ الانسان كل صباح من الصفر ؟ بالطبع لا ... فلابد من التراكم الحضارى والفكرى والثقافى لنتاج الحضارة ولتراث الانسان ... وتتابعت الاسئلة منها مرتبط بموضوع الجلسة والاخرى بموضوع المؤتمر وشمل ذلك قضايا عديدة منها ، اولا : كيف ننشر المعرفة بالتراث باستخدام تكنولوجيــا المعلومات ... وغيرها ؟ وثانيا : كيــف نزيد من جهود توثيق التراث ؟ وثالثا : كيف نعلم الاهتمام بالتراث والثقافة والفنون فى المدرسة ؟ بل قبل المدرسة ؟ ورابعا : كيف نتغلب على ثقافة المنع والاحتكار للمعلومات ؟ والانغلاق وحجب التراث ؟ وخامسا : كيف نحافظ على الموروثات الشعبية من الاندثار ؟ وسادسا : كيف نحافظ على اصول لغتنا العربية ؟ وسابعا : كيف نسرع بتسجيل التراث الشعبى ؟ وثامنا : كيف نواجه الردة الفكرية والثقافية للبعض فى تفسيرات دينية تؤدى للتطرف والارهاب ؟ وتاسعا : كيف تواجه البشرية ما تدمره البشرية من تراث لا يعوض مثل متحف بغداد وآثار أرض الفرات ومعالم افغانستان مثلما حدث تاريخيا فى بعض عصور الظلام ؟ وعاشرا : متى ننتهى من تسجيل تراثنا ؟ ... وكانت جلسة تميز فيها الحضور بالمشاركة الفاعلة ... وتسائلت عن جوهر الاستثمار الذى ننشده فى التراث والثقافة وخلصنا بأنه (1) يجب ان يبدأ بالاستثمار فى البشر الصانع لحضارة الغد وتراث الحاضر ، (2) وبالاستثمار فى البنيه الاساسية للتراث والثقافة ولعل ما حدث على خريطة مصر الثقافية فى الثلاثين عاما الماضية نموذج لهذا ، (3) وبالاستثمار فى تقنيات المعلومات لتسجيل التراث ، (4) وبالاستثمار فى نشر التراث بقنوات الاعلام والانترنت ، (5) وبالاستثمار فى ترميم والحفاظ على التراث مثل ما تم ويتم فى الآثار الاسلامية والقبطية وغيرها ، (6) وبالاستثمار فى المحتوى الرقمى وتسجيلها من مخطوطات لمحتويات المتاحف لآثار فى مصر ، (7) وبالاستثمار فى التعاون والمشاركة فيما كان يمكن ان يتحقق إلا بتعاون لمؤسسات عديدة وطنية مع بعضها بل وايضا مع العديد من الدول الصديقة ، (8) وبالاستثمار فى التعليم للتراث والفنون والثقافة من سن أربعة سنوات ثم فى كل مراحل المدرسة والجامعة ، (9) وبالاستثمار فى البحث العلمى والمهنى ، (10) وبالاستثمار فى تطويع الادوات المالية والاساليب الغير تقليدية العامة والخاصة والمشاركة ، (11) وبالاستثمار فى تطبيق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع ، (12) وبالاستثمار فى عصر المعرفة حفاظا على معرفة الانسان وغيرها من مجالات الاستثمار ... أيها القارئ العزيز تخيل جهود دولة وجهود عالم للاستثمار فى كل مجالات التراث والثقافة وما يمكن ان يكون عائده ... هل هو عالم افضل أم عراق وافغانستان جديدة ؟ سؤال دار ومداعبة مع أحد علماء الأمريكان المشاركين بالمؤتمر ... وللحديث بقية .