جريدة الأخبار – الأربعاء 13 نوفمبر
2013 قفزات الأمم
فجوات العمر هي ما يضيع علي الأمم والبشر ولا يمكن تعويضه ... هناك ما ضاع وما يضيع علي مصر والمصريين ... ولكن الأمم الرشيدة هي التي تقرر وتعزم علي إلا يضيع منها لحظة من العمر ... فهل يمكن للمصريين أن ينطلقوا للبناء والتقدم ؟ ... وهل يمكن لمصر أن تحقق قفزات العمر ؟ ... في 6 نوفمبر الحالي وصلت القيمة السوقية لعدد من شركات التكنولوجيا العالمية إلي ما يلي : شركة أبل إلي 470 بليون دولار ، وشركة جوجل إلي 340 بليون دولار ، وشركة ميكروسوفت إلي 320 بليون دولار ، وشركة أي بى أم إلي 195 بليون دولار ، وشركة أوراكل إلي 160 بليون دولار ، وشركة سيسكو إلي 130 بليون دولار ، وشركة إنتل إلي 125 بليون دولار ، وشركة ياهو إلي 48 بليون دولار ، وشركة تويتر (تغريد) طرحت بقيمة 31 بليون دولار ... كل هذه الشركات ولدت من أعوام قليلة (وباستثناء شركة أي بي أم) كلها أصغر من ثلاثين عاما ... وأتذكر في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات كنت أدرس الدكتوراه في جامعة الـ MIT ببوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية مع قمم أساتذة العالم العلمية والتكنولوجية ... وعشت ولادة شركتين من أكبر شركات العالم في بدايتها مع مخترعيها ... وفي عام 1984 شرفت بقيادة مجموعة شابة أدخلت مصر إلي عصر المعلومات وحولت المجتمع إلي مشارف مجتمع المعلومات في سنوات معدودة تم بناء ألف وخمسمائة مركز معلومات ودعم قرار ، تنفيذ مشروع الرقم القومي ، وإدخال الانترنت ، وتخفيض ديون مصر ، وبناء قواعد بيانات في كل دواوين الحكومة المصرية من مجلس الوزراء للوزارات للمحافظات وللأحياء بل وللقرى المصرية ووضعت أو خرائط للفقر والأمن والعشوائيات وغيرها من حقائق وخصائص المجتمع ومشاكله وتحدياته في الثمانينات والتسعينات ... وبدأت نهضة غير مسبوقة أساسها الحلم والأمل وطاقتها عقول شباب مصر ووطنيتهم وسواعدهم ... ثم تنفيذ تسعمائة مشروع كلها حول بناء بنيه معلومات للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لوطن ... ونتج عن ذلك بنية للمعلومات للقطاع الخاص والمجتمع المدني والحكومة ... ووصلت مصر إلي المرتبة الأولي في العالم عام 1988 وعام 1989 وحتى منتصف التسعينات كان بداية عصر النهضة والقفزة التقنية النوعية ... وكانت هذه الفترة بداية حلم وادي تكنولوجيا المصري وما سمي بعد ذلك فكرة القرية الذكية ... وكان المفهوم والحلم هو بناء شركات في عشرة أعوام وعشرين عاما تنافس الشركات العالمية (أو تتعاون مع الشركات العالمية) مثل الهند وماليزيا وسنغافورة والصين ... ولكن للأسف الشديد تدخلت السياسة أواخر التسعينات وبعد ذلك تحول الحلم إلي مكلمة وأحاديث جوفاء وحرب استغلال وظهور عناوين براقة ... فشلت مصر في الخمسة عشر عاما الأخيرة تحديدا في ولادة شركة تكنولوجية عملاقة تنافس عالميا ... وحين ولد البعض ووجهت بحروب شرسة (لا داعي للحديث عنها) ... ويتساءل المصريون – وهو السؤال الأهم – هل هناك أمل في بناء شركات تقنيه تصبح عملاقة في مجالات التكنولوجيا المختلفة سواء كانت تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات ، أو الكيمياء الحيوية والبيولوجية ، أو الطب والدواء ، أو الطاقة أو الزراعة الخ ... ؟ الإجابة نعم طالما عاش الإنسان هناك أمل ... طالما تعلمت الأجيال هناك أمل ... طالما وضعت رؤية للأوطان للانطلاق هناك أمل ... طالما وضع مناخ مشجع للعلم والتقنية والاستثمار هناك أمل ... طالما تحول حلم فرد إلي نضال وطن هناك أمل ... القفزات النوعية تحدث بفكر نوعي فهل يمكن أن نحلم بسنغافوريات وماليزيات في كل محافظة مصرية ؟ هل يمكن أن نحول وادي النيل إلي وادي للتكنولوجيا ينتج في 15 عاما ما تنتجه شركة واحدة من الشركات العالمية ... الإجابة نعم ... ما هو المطلوب ؟ المطلوب هو الاستقرار والرؤية والعمل الجاد ... ليس بهدم الأوطان سنتقدم ولكن بالرؤية والحب والعمل الجاد ... وقفزات العمر .