جريدة الأخبار – الأربعاء 12 فبراير
2014 الارتباك القومي
سائلني الإعلامي القدير عمرو أديب في برنامج القاهرة اليوم مساء الثلاثاء الماضي هل أنا متفائل ؟ فقلت نعم أنا متفائل لمصر ... نحن سنتقدم ... أري بشائر البناء والتقدم وأري طريق التنمية والرخاء ، ولكن الطريق في المستقبل القريب ملئ بالمطبات والحفر والمنحنيات ... وعلي الرغم من أني لازالت متفائل والتزم بما قلته بدقة إلا أنني خلال هذا الأسبوع أري وأشعر بحالة من الارتباك القومي أكثر مما أشاهد وأتابع ما كنت أراه من بناء وتقدم ... هناك حالة من الارتباك القومي علي مستوي الوطن : حكومة وقطاعات أعمال ومجتمع مدني وشباب ثورة وأحزاب وتيارات سياسية ومؤسسات اجتماعية وأعلام وداخلية ... الكل في حالة ارتباك ... الأفعال قلت وردود الأفعال فترت ... والحماس والعزيمة والهمة والتفاؤل الذي حدث بعد الدستور يتلاشي بسرعة كبيرة ... أولا : لعل من أهم أسباب الارتباك القومي أن مصر جميعها لأزالت في انتظار قرار المشير السيسي بالترشح لرئاسة الجمهورية من عدمه ... هناك من يري أن التأخير ليس في صالح مصر وهناك من ينادي بالتمهل لأهمية الحسابات الدولية الدقيقة . وثانيا : الحكومة في حالة انتظار تسليم المهمة الثقيلة والصعبة إلي حكومة جديدة ...الارتباك الحالي يعمق الانتقال إلي الإنقاذ قبل الانطلاق . نشاهد معظم وزارات الحكومة تمارس الدور الانتقالي والتسيير بدلا من الإنقاذ والإصلاح والتأسيس لانطلاقة وطن . ثالثا : هناك ظاهرة من الارتباك الأمني لنتيجة واضحة للتصعيد في نوع وطبيعة الحوادث الإرهابية التي وصلت إلي عمق العاصمة وقادة الجهاز الأمني وانعكس الشعور بالارتباك وعدم الراحة إلي المجتمع المصري . رابعا : هناك حالة من الارتباك لتيارات الإسلام السياسي وموقف كل منها في المستقبل سواء كان المؤيد لثورة 30 يونيو أم المعارض لها مثل جماعة الإخوان المسلمين المنحلة ، ونتابع عدم الوضوح في منهج وأسلوب الاندماج والمشاركة السياسية للاتجاه المؤيد ... ومن جهة أخري يتابع المجتمع الانهيار والانزلاق لجماعة الأخوان المسلمين المحظورة والمنحلة والمصنفة تحت الجماعات الإرهابية ودورها في أحداث العنف والقتل والدمار والتفجيرات . خامسا : هناك حالة من الارتباك الاقتصادي لقطاع الأعمال ولكافة المستثمرين ... الكل في حالة انتظار وترقب للانتهاء من انتخابات الرئاسة والبرلمان ، ويشاركهم في ذلك كافة المؤسسات المالية والاستثمارية العالمية ويستثني من ذلك بعض المضاربين بالسوق من المصريين والعرب . الارتباك يسود أيضا قطاعات الطاقة والمياه ومجالات الإصلاح الاقتصادي والدعم والمعونات والصناعة والزراعة والسياحة . سادسا : علي الصعيد الاجتماعي لأزالنا نتابع الأزمات الحادة في البطالة والتشغيل وتوقف خطوط الإنتاج والعلاج وأنفلونزا الطيور والتعليم والشلل العام في النقل والانتقال وغيرها من الخدمات التي يئن لها المواطن والأسرة المصرية . سابعا : هناك حالة من الخمول والارتباك لدي المجتمع المدني والذي يتصرف وكأن ثورته قد تحقق نتائجها وينتظر جميعه عائدها من استقرار وانطلاقة سياسية ديمقراطية ، واقتصادية اجتماعية ، الجميع في حالة انتظار وترقب المعجزة التي ستنقذ الإنسان المصري مما هو فيه إلي ما يحلم به !!! . ثامنا : هناك حالة من الارتباك في شباب الثورة بحركاتها المختلفة والذي دخلت كل منها في اختبار الوجود الصعب والذي يحتم تحولها من حركة ميدان وشارع إلي تيار سياسي أو حزبي يسعي لبناء إطار للديمقراطية والممارسة العملية في مراحل التطور والنمو والتدرج والنضج السياسي . نشاهد مظاهر متميزة للحوار وأخري مؤسفة لانقسامات دامية مثل ما رأيناه لحركة "تمرد" الوطنية ... التقدم والبناء لا يتحقق بحكومات مرتعشة أو بمجتمعات مرتبكة ... المستقبل يصنع بقيادة وشعب عزم أن تشرق شمس الحرية والعدالة ، والتنمية والرخاء .