جريدة الأخبار – الأربعاء 10 مارس
2010 إدارة الأولويات ... بين التغيير والإصلاح (3)
هل لدينا رغبة حقيقة في "تقدم ونهضة للوطن وسعادة المصريين " ... مفهوم التقدم والنهضة النوعية لمصر يتطلب نقلة نوعية فيما هو حولنا ، ومفهوم سعادة المصريين يختلف عن مفاهيم سد الثغرات أو التعامل السطحي مع معاناة المصريين ومشاكلهم الحادة ... قضايانا هي في رؤية واضحة لما يجب أن نكون عليه ، وفى أطار ومناخ نصنعه يكون دافعا لهذه الرؤية ، وفى أهداف وأولويات نتفق عليها لتحقيق تقدم ونهضة مصر وسعادة المصريين ، قضايانا أيضا هى فى برنامج عمل واستراتيجيات واضحة وشفافة تستفيد من نجاحات الماضي وتتعلم من أخفاقات الزمن ... باختصار قضايانا ليست في شخص ولكن في منهج ونظام عام وفريق قادر على تحقيق ما يستحقه الوطن من تقدم حقيقي ... ليس كل ما هو على الساحة يجب هدمه ولكن الكثير منه يتطلب الإصلاح والتغيير والتقويم والبعض غير مقبول ولا يليق بوطن وبشعب ... فمن غير المقبول أن يعانى أهل مصر من النقل والانتقال في القاهرة وغيرها ولا تتحرك الحكومة لحلول جذرية لهذة المشكلة ... هل هذا منطقي ؟ وهل هذا آدمي ؟ ... من غير المنطقي أيضا أن يتردى مستوى التعليم بالوطن ليصبح ترتيبنا بين الدول 129 من 134 في جودة التعليم الأساسي وأن يكون برامجنا تتبع منهج الخطوة خطوة بينما نحن في احتياج إلى نقلة نوعية جذرية لإحداث تعليم ينقلنا إلي قمة الدول ... ولا يمكن أن تصبح مشاكلنا فى القرن الحادى والعشرين وعصر المعلومات والعلم والادارة والنمذجة والتطبيقات اللوجستيه والحكومة الالكترونية هى فى اختناقات فى الحصول على رغيف العيش والسولار والبنزين غيرها ... لا يمكن أن نترك مزارعى مصر يعانون من بيروقراطيات وفساد لادارة مياة الرى والأرض يفضل فيها الاجنبى عن أبن الوطن والأغنى عن الأفقر ... لا يمكن ان يكون هناك أميه تصل الى 40% (أو 29% بعد أن عدل أحد الوزراء تعريفها) بدلا من القضاء النهائى عليها ... لا يمكن أن يكون حجم انتاجنا العلمى بهذه الضآلة مقارنة بدول كانت مثلنا وأقل منا مثل الهند والصين أو إسرائيل وتركيا ... ! لا يمكن أن نرى الفساد والفاسدين يزدادون فسادا ونتحدث عن القيم والمواطنة والانتماء ... ! لا يمكن أن نرى أعلام هادم ولا نعبئ الشرفاء لتعبئة المجتمع ... لا يمكن أن ندعى غياب المعلومات بعد عشرة سنوات من بناء أكبر بنيه معلومات عرفت عالميا ... لا يمكن أن يصل الدعم فى أحد البنود الى 70 مليار جنيه ونحن فى حاجة لكل جنية ليصل الى مستحقيه ولتحقيق آمالهم فى تعليم وصحة أفضل ... أولويات المصريين حددناها فى المقالتين السابقتين مطلوب أن نتفق عليها جميعا وأن نتفق أيضا على منهج بناء يأخذ من الواقع ما يصلح ، ويستحدث ما هو غائب ، ويطور ما يجب تطويره ... دعوات التقدم ليست بهدم كل ما هو قائم أو بالتغيير من اجل التغيير ، وليست بدون تحديد أهداف وأولويات ... دعوات التقدم ليست بمن يتشدق بها أو يستخدم مرادفات كلماتها دون أن يعى معانيها أو يعرف جهدها ... دعوات التقدم تتطلب رؤية وتستلزم تفاصيل وكل ذلك يتطلب برنامج لنهضة الوطن ... آن وقته ... بل تأخر عرضه ... التقدم ليس شخص ولكنه وطن ... هو فكر ومنهج ونظام وفريق قادر على تحقيق طموحات التقدم ... التقدم يتطلب التغيير والإصلاح معا ... التقدم هو فكر وثقافة ، وعزم وعزيمه ... التقدم يتطلب وعى وأدراك ورغبة لشعب يرى بوضوح هدف التقدم وأولويات مجتمع ... الإسراع بالتنمية هو طريق التقدم ... والسكون وعدم حل مشاكلنا المعاصرة – الممكن حلها – هو جريمة فى حق هذا المجتمع ... وللحديث بقية Alakhbar@hisham-elsherif.com