يوم 6 أكتوبر هو أجمل أيام مصر ... هو يوم النصر ويوم العبور ويوم العزة ... هو يوم تحول فيه تاريخ مصر من نكسة الى انتصار ، ومن صمود الى انطلاق ، ومن دفاع الى هجوم ، ومن حرب الى سلام . يوم السادس من أكتوبر هو يوم تغير فيه التاريخ المعاصر وتحول فيه تاريخ مصر بفضل المصريين وقواتها المسلحة الباسلة 0 سجل ابناء مصر وابطال القوات المسلحة عبر سته سنوات من 5 يونيو 1967 من الصمود والاستعداد والبناء الى نصر اكتوبر ملحمة لازالت يشار اليها وتدرس كأحد اهم الحروب العسكرية التى تفوق فيها الاستعداد والتدريب ، والمهارة والجسارة للعسكرية المصرية على التفوق فى العتاد ، والتقدم فى التقنيه لسلاح العدو ... فتحولت الهزيمة الى نصر وعادت الارض لاصحابها ورفرفت الاعلام المصرية على سيناء كلها من القناة الى رفح ، ومن الطور الى الشيخ زويد ، ومن رأس العش الى طابا ، ومن بورسعيد الى خليج تيران ... كل شبر وكل متر من أرض سيناء يحكى قصة بطولة وفداء لضابط وجندى عاشوا فى عصر مختلف عما نعيشه وفى ظروف مغايره لما نعرفه الآن كانت التحديات فيها هى تحقيق النصر والفداء والاستشهاد ... كان المقاتل المصرى وعبر سته سنوات من حرب الاستنزاف وطوال فترة حرب اكتوبر الى يوم وقت القتال يخرج يوميا للاستشهاد فداء للوطن ... كانت منظومة القيم والعطاء مختلفة عما نعيش فيه الآن ، عشنا ظروف قاسية ، وموارد محدودة وكان "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ونسى المصريون اختلافاتهم ، ووهبوا ثرواتهم وحياتهم وحياة ابنائهم لتحقيق النصر ...
واتسائل - كل عام - هل سجلنا حرب اكتوبر من عيون ابنائها ومعاصريها وبالتفاصيل الدقيقة لها ، بالامس قمت بتهئنة أحد ابناء حرب اكتوبر بعيد النصر وسألته اين كان يوم العبور ففوجئت بملحمة يرويها عن جنوده على خط النار وعن المرات العديدة التى رأى فيها زملاء له يستشهدون ويقتلون بنيران العدو أو بصواريخه أو بالغام ارضية ثم كيف قاتل هو ومن معه يوم العبور وجسارة جنوده من سوهاج والمنيا وكفر الشيخ والبحيرة ... من كل انحاء مصر تركوا اهلهم وأرضهم فداء لمصر ... روايات عديدة عن التعامل مع العدو بالفكر والاستعداد للقتال والتدريب الشاق ... وتسائلت هل اعطينا اعظم ايام التاريـخ المصرى المعاصر حقها ؟ هل لدينا تسجيل بحرب اكتوبر من عيون ابنائها ؟ هل قمنا بالانتهاء من تسجيل ملحمة العبور وما قبلها وما بعدها ...
بناء الوطن والوطنية لا ينبع من فراغ وإنما يستند الى ركائز ومنظومة قيم تتجرد وتعبر بوضوح عن خصائص الشعب فى فترات المحن واثناء الحروب ... فى ملاحم العطاء وفى قصص الفداء ... ترى كم قصة عطاء وفداء لدينا ؟ لماذا لا نفكر – مع التقدم التكنولوجى الكبير – فى أن نسجل بالصوت والصورة لكل من حارب فى حرب اكتوبر قصته مع الحرب وما قبل وما بعد النصر ؟ ... من كان عمره 25 عاما اثناء الحرب عمره الآن ستين عاما ... والسؤال كيف نبنى أكبر وأشمل ارشيف لمن عاش حرب اكتوبر 1973 ... من حق الاجيال المعاصرة والأجيال القادمة أن نروى لها من بطولات الآباء والاجداد ... تاريخا وقصصا ودراما وطنية ... فمما لاشك فيه أن مصر التى نعيشها حاليا غير التى انتصرت فى عام 1973 ... شباب مصر لا يعرف ما يجب أن يعرفه ، يتجه الى ماديات الحياة وسطحية الاحداث وجاذبية العولمة ... شباب مصر تدفعه وتشده سرعة التغيير وبريق المظاهر ولا يذكر – بل لا ينتمى الى تاريخ وبطولات وركائز وخصائص جيل اكتوبر ... نحن مقصريين فى حق شباب مصر فهو لا يعرف ، ونحن مقصرين فى حق جيل اكتوبر فهو لا يستحق التجاهل ... فلنبنى ذاكرة لتاريخ البطولة ... ولنشجع توثيق وتحليل ملحمة الوطنية المصرية ... ولنعرض هذة البطولات على شباب مصر ... فهذا حقه علينا ... وهذا حق وواجب لإبطال اكتوبر ... وكل عام ومصر بخير وقواتنا المسلحة فى أحلى ايامها واعيادها .