جريدة الأخبار – الأربعاء 11 سبتمبر
2013 مصر ... بين البناء والاستنزاف والإرهاب
مصر في مفترق الطريق ... أمامنا ثلاث طرق هم : طريق البناء ، وطريق الاستنزاف ، وطريق الإرهاب ، الطريق الأول هو طريق البناء وتواجه مصر فيه تحديات التقدم والتنمية وتشمل : الاستقرار والأمن والسلام الاجتماعي ، والديمقراطية وحرية التعبير السلمي والبناء المؤسسي ، ترسيخ وتعميق دولة القانون بدستور وتشريعات وقوانين تحمي الإنسان والوطن وتحدد مسئوليات أفراد ومؤسسات المجتمع ، وبناء دولة مؤسسات ونظم بقواعد العصر وآلياته تستطيع التنافس مع العالم ، وإصلاح اقتصادي متكامل يتوازن بين الاحتياجات العاجلة والمحددات الإستراتيجية لانطلاقة مصر للتقدم ، وإصلاح اجتماعي جذري للتعليم والرعاية الصحية والشئون الاجتماعية والتأمينات والمعاشات والنقل والمواصلات ، وبنية أساسية وعمرانية متكاملة تلبي احتياجات الحاضر ومجتمع جديد مميز سيتضاعف في أقل من 40 عاما . والطريق الثاني الذي تواجهه مصر هو الاستنزاف وهو الاستمرار علي ما نحن فيه وضياع ما يقرب من مليار جنية يوميا نتيجة للصراع الحالي بين أغلبية للمصريين تريد البناء والتقدم وبين بعض اتجاهات تتبني مشروع الإسلام السياسي تتعاون الآن بوضوح مع عناصر ومنظمات إرهابية لترويع المصريين وتقوم بمحاولات مستميتة للاستيلاء علي الحكم وإعادة مشروع وحلم حكم الأمة بالقوة ... مخاطر هذا الطريق هو أن تنزلق مصر لصراع مسلح أمني وعسكري (طويل المدى) يستنزف اقتصاده الجريح وبناؤه التاريخي وتتحول مصر والمصريون من ضعف إلي أضعف ومن فقر إلي أفقر ومن سوء إلي أسوأ . والطريق الثالث الذي تواجهه مصر هو الإرهاب والتدمير ... ومحاولات البعض إلي أن تنحدر مصر إلي النموذج السوري أو العراقي سواء في التفتيت أو الدمار أو الصراعات بين التنظيمات والتيارات المختلفة ... والتساؤل المطروح من الذي يقف وراء الإرهاب والدمار ؟ آن الأوان أن يتم فتح ملفات الإرهاب والمنظمات الإرهابية والدولية وأجهزة المخابرات التي يقف ورائهم والجهات التي تساندهم في التمويل والتسليح والتدريب والمعلومات الاستخباراتية ... أمن مصر القومي وشعبها وأطفالها وشيوخها وشبابها ورجالها ونساؤها خط أحمر يستوجب الدفاع عنه سياسيا وأمنيا ، عسكريا واجتماعيا ، اقتصاديا وعقائديا ... مصر كانت وستكون ضد الإرهاب بدولة قانون وليس بالخروج عن القانون ... بالمواجهة القوية وليس المرتعشة ... بالقيادة القوية وليس بمرتزقة مندسة . والتحدي الذي تواجهه مصر والمصريون أي اختيار وأي طريق ... من البديهي أن غالبية المصريون مع الطريق الأول وهو طريق البناء والتقدم ولكن التساؤل الأكبر هل سيفرض عليهم طريق آخر سواء كان يدفعهم إلي الاستنزاف أو ينزلق بهم إلي الإرهاب ... ؟ القراءة التكتيكية لمحاولة اغتيال وزير الداخلية وعنف الحدث إرهابيا له دلالات إستراتيجية هامة ... (1) أن يستثمر ذلك إعلاميا لخلق رأي عام عالمي تشبه الأحوال بمصر بسوريا وتبعياته ، (2) أن يؤكد علي اختراق أعمق الأمن المصري الوطني والاجتماعي ، (3) أنه محاولة خلق حالة التكافؤ بين قوتين في المجتمع المصـري ولـيس بـين غالبية مسالمة وأقلية تريد السلطة ، (4) محاولة خلق حالة يأس عام للمجتمع يمنعه من التقدم والاستمرار الحال كما كان عليه من تخبط وانهيار أثناء حكم الأخوان ، (5) استخدام الاغتيال السياسي كوسيلة لتحقيق إنهاء الدولة والحكم ، (6) استقطاب شباب مصريين لخلق خلايا وتنظيمات إرهابية التوجه تضرب عمق مصر في القرى والمحافظات ، (7) تحقيق انتصار إرهابي يدفع بالمؤسسات والحكومات الداعمة للإرهاب بالتدخل في الشأن المصري الداخلي وزرع أسس تدويل التدخل في مصر ... ويتساءل المصريون علي ما هو العمل ؟؟؟ يمكن تحديد اختيارات المصريون فيما يلي : أولا محاربـة الإرهاب ، ثانيا البدء الفوري في مشروع البناء والتقدم الوطني ، ثالثا خلق رأي عام عالمي ومحلي مؤازر ، رابعا بدء برنامج شامل للإصلاح الديني ، خامسا استمرار البناء السياسي والديمقراطي ، سادسا ترسيخ العدالة ... وسيسجل التاريخ انتصار المصريون ونجاحهم في اختيار طريق البناء والتقدم ، والتنمية والرخاء ، والسلام والأمن ، والأمان والديمقراطية ... وستحيا أم الدنيا .