جريدة الأخبار – الأربعاء 17 سبتمبر
2014 أحمد رجب … الملك والفارس
فقدت مصر والأمة العربية مناضلا وصحفيا عشق الوطن وأحبه المصريين ... أحمد رجب الإنسان والمثقف والكاتب والساخر كان وسيظل في قلوب المصريين عنوانا للكلمة الحرة الثائرة والمرحة والمختصرة لمجتمع كان يراه أفضل مما هو عليه وأوصانا به أكثر مما نفعل به ... كانت نصف كلمة هي ابتسامة كل صباح للمصريين وهي قنبلة فكرية ومعنوية – في كثير من الأحيان – موجهه للساسة والسياسيين للقضاء علي الفساد والمفسدين ولرفع كلمة الحق لصوت الفقراء والمهمشين ... فقدت في احمد رجب الأخ والصديق وفقدت العائلة أحد أعمدتها ... أول أمس رأيت زوجتي الفاضلة تبكي وهي تنظر إلي المكان المفضل له والذي كان يجلس فيه وتذكرنا ضحكاته وسخريته ، وأحاديثه وحكمته ، ورواياته ومغامراته ، وإنسانيته ورحمته ، وأصدقائه وأحباءه ... بكت قلوبنا وبكت قلوب أصدقائنا وأهلنا وكل من حولنا من أهل مصر ... ولد الكاتب الكبير أحمد رجب في مدينة الإسكندرية وتخرج من كلية الحقوق جامعة الإسكندرية والتحق بجريدة أخبار اليوم بعد تخرجه في مكتبها بالإسكندرية في أوائل الخمسينات ثم انتقل للقاهرة وتألق بعمله وبأدائه وعطائه ... وكان أحد الأعمدة الرئيسية لمؤسسة أخبار اليوم منذ نشأتها مع رفيقيه – وأساتذته – كما يحب أن يكرر باستمرار مصطفي أمين وعلي أمين ومع رفقاء جيله من العمالقة ومع النجوم الصاعدة وأبنائه التي يعتز بها بالأخبار وبالصحافة المصرية كلها ... أحمد رجب هو صاحب "نصف كلمة" وهي أشهر وأصغر عمود صحفي في تاريخ الصحافة المصرية والعربية والعالمية ... وهي مقالة وحكمة اجتماعية وسياسية تمثل يوميا نقدا ساخرا للحياة ولأحوال المجتمع وله إصدارات أخري أسعدت قلوب المصريين وأبهجت عقولهم منها كلام فارغ ، نهارك سعيد ، الحب هو ، أي كلام ، ضربة في قلبك ، الفهامة ، صور مقلوبة ، كفر الهنادوة ، كمبورة في البرلمان وغيرها ... لا أعتقد أن هناك شخص أحبه المصريين مثل أحمد رجب ... أحبهم فأحبوه وعشق حياتهم فعشقوه ... أحمد رجب - في نظري - هو أمير المظلومين والمقهورين والضعفاء هو عدو الفساد الأول والمحارب الشرس لقضايا المصريين ... لم يرهب من أي نظام ... كان قلما قويا في كل عصر وضد كل طاغية وفتنه ومؤامرة من الخمسينات وللآن ... أحمد رجب كان إطلالة ومنارة "قوية" تطل علينا كل صباح في بابه اليومي " نصف كلمة" هو ابتسامة للمصريين وسند للضعفاء وقوة للمناضلين من أجل الوطن وضد الطغيان والفساد ... أحمد رجب هو عنـوان للنقاء والشرف الصحفي والمهني عبر العصور ... أحمد رجب الإنسان هو كتلة عطاء وحب لزملائه ورفقائه ، ولعائلته وأصدقائه ، ولقرائه ومحبيه ... معهم بالقلب والسؤال والمشاركة ... يعشق الحرية والحياة والبهجة ... محاور متمكن وقدير عبر الأجيال بالكلمة وبالقلم ... عملاق بل هو في نظري " ملك " لما " قل ودل " ... هو قارئ ومثقف ومتمكن من الدين إلي التاريخ ، ومن السياسة إلي الحقوق ومن الاقتصاد إلي الآداب وعلوم الاجتماع التي هو فيها أستاذ و" مدرسة " ... أشعر بحزن وطن لوفاة أحمد رجب الثائر والأمير والملك والعاشق والكاتب الكبير ... كنت أناديه دائما يا ملك فيرد ضاحكا دون تفكير أنت الملك ... سأفتقدك وافتقد ضحكاتنا وأحاديثنا ورواياتك الغير محدودة ما حييت فأنت الملك والفارس والأخ والصديق والرفيق والعاشق لوطن تشاركنا في حبه وحب أهله ... وما يجب أن يكون ... أوصاكم بها فأعملوا وأبنوا من أجلها ... رسالة أحمد رجب الحب والعطاء والبناء والتقدم والعدل والعدالة والمساواة وتمكين الفقراء والسلام لأرض السلام ... رحم الله أحمد رجب الإنسان والملك والفارس ... ولنقرأ الفاتحة علي روحه .