جريدة الأخبار – الأربعاء 11 يوليو  2004
نحو بناء مجتمع المعرفة الاقليمى (2)

ينقسم المتابع للدعوة للإعداد لبناء مجتمع المعرفة العربي ما بين فريقين الأول يقول أن هذا حلم ولا داعي لتضييع أي وقت فيما هو يمكن أن يكون اقليمياً أو عربياً . والفريق الثاني يقول إن هذا مطلوب وهام ولكن تنفيذه صعب خاصة في إطار المتغيرات العالمية والأحداث الإقليمية والتحولات الوطنية والقطرية . والسؤال الذي اطرحه على الفريقين ما هو الاختيار المطروح علينا إذا كنا نؤمن أن بناء مجتمع المعرفة الوطني هو أساس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن لدينا طريقين أما أن يرى كل منا ان نركز وطنياً فقد أي أن نقول : " مصر أولاً " والسودان " السودان أولاً " ... الخ وأما أن نسعى - إضافة الى الأولويات الوطنية المنطقية الى - حد أدنى من التعاون الإقليمي لمجتمعنا العربي (1) بخصائصه (2) وتكاملاته الموضوعية (3) وفرصة المستقبلية قبل العاطفية والتاريخية وفي جميع الاحوال فقد تشاركونني الرأي بأن هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها لصياغة مجتمع المعرفة الاقليمي مطلوب الإجابة عليها والاتفاق حولها ... وأني واثق أن كلاً منا لديه اضعاف هذه الأسئلة وبداية يتطلب مجتمع المعرفة الإقليمي تحديداً لما يلي : (أ) الهدف و"الرؤية " (ب) اطار العمل ، (ج) برنامج العمل ، (د) البرامج والمشروعات القطرية / الاقليمية ، (هـ) تحديد الأولويات . (و) تحديد لمعايير قياس النجاح (ز) تحديد للعائد المتوقع من كل مشروع (ح) تحديد وتوزيع للأدوار للمؤسسات الاقليمية او لمراكز النجاح القطرية الممكن الاستفادة بها (ط) كيفية بناء شبكة عصر المعرفة ... من الافراد والمؤسسات ... الخ .

ويرى الكثيرون أننا في أشد الاحتياج الى (أ) العمل المستمر والمتواصل لصياغة ونشر وتنفيذ وتطوير وتنمية مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة بل للتحول من مستوردي التقنية وعارضين لمظاهرها الى منتجين ومصدرين لها (ب) وفي احتياج لآليات عملية للتنسيق بيننا مع الاستفادة من " دروس الماضي " ، (ج) وللتكامل أكثر من التكرار ... وللبناء أكثر من الهدم ... وللتعاون أكثر من الفردية ... وللاحترام للملكية أكثر من التعدي عليها واغتصابها وفي اعتقادي أننا لا نريد فقط خطة عملية أو خطة تنفيذية ، ولكننا نريد تحديد وحسم قضايا مرتبطة بالرؤية والهدف والفلسفة والآليات وأسلوب التنفيذ والمتابعة والتمويل والقيادة والادارة والاستمرار والتواصل . وقد استعدت في هذا تجارب لرحلة مرت بسرعة عبر 25 عاماً منذ صغت استراتيجيات الاسـراع بالتنميــة لمجتمع المعلومات في الـ MIT في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات الى الممارسة العملية لبناء اسس مجتمعات المعلومات من منظور تنموي وبناء مؤسسات وآليات : (1) عامة ، (2) غير حكومية ، (3) خاصة ، ومن الــدروس المستفادة من هذه المرحلة : أولاً ، أننا تعلمنا من الممارسة والواقع أن الفرق بين الخبرات النظرية " الشهادات " وبين الخبرات العملية " الممارسة " وبين التزاوج بينها " الانجاز " للتغير والتطوير الحقيقي . ثانياً : اختيار الشخص المناسب للمهمة المناسبة وفريق العمل الملائم لاجتياز التحدي ، ثالثاً : الرؤية المتجددة وبرنامج العمل المحدد ومتابعة التنفيذ ، رابعاً : قياس النتائج . خامساً : ربط أي عمل بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرصة عمل حقيقية ، سادساً : مواجهة التحديات بصورة دورية . سابعاً : الخروج من التنظير والتجريب الى التنفيذ والممارسة والتأصيل والمؤسسية والتواصل ، ثامناً : التغيير والتطوير أساسه ريادة ورؤية وفكر وايمان لمفكري ومفعلي التنمية للمجتمعات والمؤسسات ... وأن فقر الفكر - فكر الفقر هما آفات تصيب المجتمعات . تاسعاً : القدرة على التصحيح ومحاسبة النفس والآخرين في اطار من العدالة أو ما يسمى " بالحكومة الرشيدة " وهي ببساطة العمل الصالح والصادق والشفاف والمنجز ويشمل مجتمع الانجاز والتغيير وتصحيح الأخطاء والرحمة والعمل . عاشراً : مواجهة مقاومي الاصلاح والتغيير والتطوير ومعاول الهدم وهم متواجدون في كل عصر وفي كل مجتمع ... قد يكون في هذه الدروس لرحلة التواصل ... وللحديث بقية