جريدة الأخبار – الأربعاء 24 أغسطس  2005
الواقع المصرى ... والمستقبل

توجهنا الى المستقبل يبدأ من واقعنا السياسى والاقتصادى والاجتماعى . بدايته هو حياة الانسان المصرى بكل واقعية بايجابياتها وتحدياتها . وبما أن الانسان على الارض وفى كل دولة – حتى اكثرها تقدما- يسعى لحياة افضل فإننا نحن المصريين لسنا استثناء نعيش واقعا ونتطلع الى غد اسعد . وفى عصر ندعو فيه لاستخدام المعلومات لتحديد الواقع وتحليله وصياغة الطريق نحو المستقبل فانه يتحتم علينا وكل المهتمين بمدرسة الواقعية بالمعلومات أن نبدأ اين نحن وأين نريد أن نكون ؟

الارقام تشير ان سكان مصر تجاوزوا الـ 70 مليون نسمة بينما كان عددهم لا يزيد عـن 42 مليون نسمة فى اوائل الثمانينات بحجم زيادة قدرة 28 مليون نسمة . نصف عدد سكان مصر تحت سن العشرين وثلث السكان تحت سن15 سنة وثلثا مصر تحت سن 30 سنة بمعنى أن 2 من كل 3 ولدوا على ارض مصرهم من مواليد 1975 الى الان هذه الطاقة الشابه منهم اولادكم واولادى ان كنتم من الثلث الباقى أو ممن تزوجتم وتمثلون ما يقرب من 14 مليون اسرة مصرية (بكل اسرة 5 افراد) كل مواطن من السبعين مليونا يحتاج الى طعام ومياة وملبس وسكن وعلاج وكهرباء ونقل ومواصلات . وصل عدد من ينتج منا من سكان مصر وتسمى بـ (قوة العمل) الى 21 مليونا وكان عددهم 11 مليونا فى اوائل الثمانينات بزيادة قدرها عشرة ملايين وحسب الاحصاءات الرسمية فان نسبة البطالة تصل الى 6.10% حاليا . ومن جهة اخرى وصل عدد التلاميذ والطلبة فى التعليم الى 5.19 مليون من الـ 70 مليون سكان بينما كان عددهم 6.8 مليون من 42 مليون نسمة .

هذه الارقام الاساسية تعنى انه قد تم تقريبا مضاعفة قوة العمل فى مصر وعدد المشتغلين بها بما وصل الى ما يقرب من عشرة ملايين فرصة عمل فى ربع قرن فاذا فرضنا ان فرصة العمل تتكلف عشرة الاف دولار فان اجمالى الاستثمارات لخلق فرص عمل جديدة يكون مائة مليار دولار ، واذا كانت فرصة العمل تتكلف 20 الف دولار فان اجمالى ما استثمر فى ربع قرن يصل الى 300 مليار دولار بما يعادل تريليون جنيه مصرى (الف مليون جنيه) بالاسعار الحالية ومن الانصاف تقدير ما تم فى قطاعات كثيرة واثرت ايجابا على سكان مصر . تطلب ذلك عملا وجهدا وعرقا وبناء وعثرات وتصحيحا واصلاحا وتطويرا . ولكن هل نحن افضل أم لا ؟ الارقام المقارنة بين حالنا الان والاحوال حين كنا اربعين مليونا من ربع قرن مضى تشير الى انه قطاع الكهرباء ارتفع متوسط استهلاك الفرد من الكهرباء سنويا الى 3 اضعاف ما كان عليه ، وفى قطاع الاتصالات تجاوز عدد مشتركى المحمول 8 مليونا ، والتليفون العادى 12 مليونا والانترنت 4 ملايين ، وفى قطاع الصحه وصل عدد المستشفيات الى سبعة اضعاف ما كانت عيه ، وزاد نصيب الفرد من المياه النقية من 130 لترا فى اليوم فى اوائل الثمانينات الى 295 لترا فى اليوم عام 2005 وفى الصرف الصحى زاد نصيب الفرد من 25 لترا فى اليوم الى 150 لترا فى اليوم وغيرها من المؤشرات العديدة التى تشير الى حقيقة النمو رغم الزيادة الكبيرة فى السكان فى ربع قرن . الارقام تشير الى تحسن فى كثير من القطاعات . كم كانت الاستثمارات اللازمة فى هذه القطاعات لتحقيق هذا التطوير ؟ وما هى اجمالى الاستثمارات فى ربع قرن فى كل القطاعات والتى غيرت من خريطة المجتمع المصرى مما كنا فيه لما نحن فيه ؟ وهل نحن ننتج كافراد وكمجتمع بما يتواءم ويتناسب مع طموحاتنا فى التنمية والرفاهية ؟ وما الذى نحلم به لابنائنا من بعدنا ؟ وما هو حجم السكان لمصر بعد عشر سنوات وبعد عشرين سنة ؟ وما هو حجم الاستثمارات اللازمة لتحقيق مستوى الخدمات الحالية ؟ أو مستوى افضل مما نحن فيه ؟ هذه الاسئلة تتطلب اجابات بالارقام والمعلومات واهم من ذلك تتطلب مشاركة من ابناء هذا الوطن فى تحديد حلمهم وهدفهم ثم يلى ذلك العمل الجاد لتحقيقه … بما تحقق ويتحقق من صحوه قومية … اتفائل بمصر وبما ستحققه عقول وسواعد المصريين عبورا بالمعلومات للتوجه لعصر جديد … وللحديث بقية