جريدة الأخبار – الأربعاء 27 أغسطس
2008 الحس القومى ... وادارة الكوارث(1)
انتفاضة المشاعر الوطنية التى واكبت حادث حريق مجلس الشورى ذكرتنى بما حدث تحديدا بحريق مركز المعلومات ودعم القرار عام 1991 ... وتفيض المشاعر الوطنية عامة بل وتتوحد اثناء الكوارث سواء كان ذلك حادث قطار الصعيد أو حادث العبارة السلام أو حادث الحدود الفلسطينية أو حادث الطائرة البوينج أو غيرها ... وفى كل هذه الاحداث يستيقظ الحس الوطنى المصرى – الفياض – ويتحول الحادث الى مصاب جم وكارثة قومية ... وقد تابع المصريون وسائل الاعلام للاطمئنان على مبنى مجلس الشورى كرمز للمؤسسات الدستورية التى تساهم فى انارة الحوار القومى وصياغة وتطوير المناخ التشريعى لأمة تسعى لتطوير وتعميق الديموقراطية ممارسة وتشريع ودراسة ورأى ... وقد لاحظت من كافة الاحاديث والحوارات ان أهم ما ركز عليه الغالبية هو دراسات ومعلومات ووثائق مجلس الشورى ، من جهة والتراث والوثائق والمعالم التاريخية للمجلس العريــق . فالحمدالله لم تحدث خسائر فى الارواح لان المجلس فى اجازتة الصيفية . ويحس الغالبية ان اعادة بناء المبنى هو عملية تبدو شاقة ولكن يستشعر الجميع بأنه سيعاد البناء بسرعة وبجودة متوقع الاهتمام بها ... ولكن يتسائل الغالبية عن أولا : اسباب الحريق ؟ ، وثانيا : لماذا حدث ؟ ، وثالثا : لماذا يتكرر حدوث مثل هذه الكوارث فى مصر بمعدل اكثر من غيرها ؟ ، ورابعا : ما حجم ونوع ما تلف وما حرق من وثائق دراسات ومعلومات ؟ ، وما ضاع من تراث ؟ ، وخامسا : لماذا هذا اللغو الاعلامى الذى يحدث عن حجم الكارثة والذى يزيد مــن عمــق آلام الشعب المصرى بل ويزايد على الحس القومى الوطنى العريــق ؟ ، وسادســا : لماذا لا نتعلم من كوارث الامس لتجنب كوارث اليوم وغدا ؟ ، وسابعا : من المسئول عن الحريق هل هو ماس كهربى أم اهمال فرد أم هو اهمال مجلس أو اهمال حكومة أم اهمال مجتمع ؟ ، وثامنا : الى متى سيظل لدينـا قصور مفجع ومؤسف فى التعامل مع الحرائق وفى ادارة الازمات ؟ ، وتاسعا : لماذا لم يتم تسجيل وتوثيق معلومات الشورى وحفظها فى اماكن آمنه بعد اكثر من ربع قرن من ثورة المعلومات فى عهد الرئيس مبارك ؟ وعشر سنوات وزارات معلومات وحكومات الكترونية ؟ ، وعاشرا : اين خطة المعلومات الخامسة والسادسة لمصر والتى تسجل وتوثق وتؤمن ثروات شعب ومعلومات امة ولماذا لم تنفذ بشمولية فى مجلس الشورى ؟ ، وحادى عشر: متابعتى للصحف القومية تشير الى أن هناك وثائق برلمانية تاريخية التهمها الحريق فمن المسئول عن هذا ؟ ... وثانى عشر: اسعدنى قرار من مراجعة شروط الامان بكل المنشآت الحكومية والخاصة ولكن اتسائل اليس ذلك عمل دائم للمسئولين عن ادارة المجتمع وتأمينه . ؟ عشت حريق مركز المعلومات ودعم القرار وحريق اخر كبير اخرجت فيه عائلتى من الدور العشرين فى مبنى اقيم فيه فى 8 نوفمبر 1998 وفى كلاهما ثبت لى قصور امكانات جهاز الاطفاء فى مصر رغم فداء وعطاء رجاله ... واشبههم بمن يحارب دون اسلحة حقيقية وحديثة تمكنهم من سرعة الانتقال والسيطرة والاطفاء السريع ... وأذكر أن يوم حريق مركز المعلومات فى عصر د/عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء والذى قاد وأدار بحكمه اطفاء حريق المركز والذى انتشر امام رجال الاطفاء بامكاناتهم المتواضعه والغير قادرة للوصول الى الدور السادس حين بدأ الحريق الصغير باحدى الحجرات وبادارة وزير الداخلية آنذاك السيد/عبد الحليم موسى رحمه الله واستمرت المحاولات ثلاث ساعات انتشر فيها واتسع فيها الحريق دون جدوى الاطفاء حتى اتصل د/عاطف صدقى بوزير الدفاع المشير/حسين طنطاوى والذى انتقل ومعه قوات الاطفاء بالقوات المسلحة ومن غرفة عمليات امام موقع الحريق شاهدت وتابعت السيطرة والاطفاء والتأمين لحريق كاد يحول القاهرة الى حريق آخر ... ولولا تدخل القوات المسلحة بامكاناتها لما تم اطفاء الحريق الكبير للمركز ... ولعل اهم دروس الحريقين ضرورة توفر وسائل الاجهزة والتأمين والاطفاء لمنع الحريق ولمنع انتشارة ... قبل تحوله لكارثة ... وللحديث بقية