جريدة الأخبار – الأربعاء 25 أغسطس
2010 مدينة أجمل ... وحياة أفضل (6)
قضية السكان هي أساس قضية الإسكان والعمران ... بل هي محور قضايا التقدم والتنمية والحياة ... الزيادة في السكان تعنى زيادة في الطلب على مساكن وطرق ومدارس ومستشفيات ومصانع وكهرباء وغيرها ... المواجهة الجادة للزيادة في السكان تعنى خير أكبر لعدد أقل ... عدم المواجهة أو القبول بالوضع الحالي معناه خير أقل لعدد أكبر ... أو ببساطة مزيد من العشوائيات ومزيد من المدن المكتظة والقرى المعدمة ... والمشكلة أخطر من كل المشاكل التي تشغل بال الفضائيات والرمضانيات ... فهي في خطورتها أكبر من أزمة الكهرباء والطاقة ، والسرقة المهينة للوحة زهرة الخشخاش وغيرها من يوميات تبعث عن الآسف والحزن لحالة التراخي التي وصل لها كثيرون في أمة لها كل الفرص للتطور والتقدم والانطلاق ... سكان مصر هم إما قنبلة موقوتة أو جيش للتقدم والرخاء ... الفرق بين هذا وذاك هو قرار لنا ... نتخذه الآن لتحديد ما هو عدد السكان الأمثل لهذا المجتمع عام 2050 وعام 2040 وعام 2030 ... وزارة التنمية الاقتصادية (التخطيط سابقا) تطرح أربعة سيناريوهات لكل منها معدل للزيادة في السكان هي أن يصل عدد السكان في عام 2050 إلي السيناريو الأول 5ر176 مليون نسمة إذا استمر معدل النمو كما هو حاليا 04ر2% ... والسيناريو الثاني 157 مليون نسمة إذا نجحنا في تخفيضه ليصل إلى 66ر1% وهو تحدى لمصر مثل تحدى بناء السد العالي في الستينات ... والسيناريو الثالث أن يصل عدد السكان في عام 2050 إلي 139 مليون نسمة وهو تحدى لنا كمجتمع يشبه تحدى الدخول والانتصار في حرب السادس من أكتوبر والذي يهدف الوصول بمعدل نمو السكان إلى 26ر1% ... والسيناريو الرابع وهو (خيالى فى نظري) أن يكون معدل النمو أقل من واحد فى المائة (1%) ليصل عدد سكان مصر إلي 125 مليون نسمة فى عام 2050 وأعتقد أن فريق التخطيط والذي يضم وزراء وأساتذة وممارسين وصفوا هذا السيناريو للاسترشاد بمعدلات النمو فى عدد من دول الغرب وليس كهدف يمكن تحقيقه سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا ... فهل لدينا الوعي لإدراك ما سنكون فيه عام 2050 وعام 2030 ؟ وهل لدينا الرشد لأختيار ما نهدف إليه ؟ وهل وضعنا الإمكانات والضمانات لتنفيذ هذا الهدف عبر الحكومات للأربعين عاما القادمة ؟ ... ليكون هدف دولة وتوجه مجتمع مهما تغيرت الحكومات والتحديات ... الزيادة في السكان هو قمة تحديات التقدم فما هو الذى نرغبه وما هو برنامجنا القومى لتنفيذه هل ننشد 176 مليون نسمة أم 157 مليون نسمة أم 137 مليون نسمة الفرق بين السيناريوهات يتراوح من 20 الي 40 مليون نسمة ... !!! فأين سيسكن ويعمل ويتعلم 20 مليون نسمة أو 40 مليون نسمة أضافية ... عدم التصدي لقضية السكان قد يتطلب زيادة 20 مدينة كل منها من مليون إلي 2 مليون نسمة إضافية أو 80 مدينة نصف مليون نسمة ... المدينة المليونية (المنتجة) تزيد تكلفتها عن 400 بليون جنية ... والتساؤل المطروح ما الذي سيحدث في حالة عدم خفض عدد السكان واستمرار الأمور كما هي عليه ... ببساطة مزيد من العشوائيات ومزيد من الأهدار ومزيد من الموارد بدلا من حياة أفضل ومدن أجمل ... سيكون هناك أربعمائة عشوائية كل واحدة منها مائة ألف نسمة ... تكلف المجتمع اقتصاديا واجتماعيا تكلفة أكبر من التي يتطلبها التخطيط الجيد والرؤية الثاقبة إذا استمرينا على معدل السنوات الأخيرة فإن سكان مصر سيصل إلى 176 مليون نسمة وإذا قمنا بتعبئة الوطن بالعلم والعزيمة فإننا سنتجنب توفير سكن لما يقرب من نصف سكان مصر الحاليين ... أي أنه بالمواجهة الجادة لقضية السكان يمكن تجنب توفير إسكان لما يقابل نصف سكان مصر الحاليين ... وإذا كان نغمة عدد من اللامسئولين أنه ليس من الممكن أفضل مما متاح فكيف سنوفر مدن وقرى لضعف سكان مصر أو لمرة ونصف سكان مصر ؟ . رؤية 2050 وخطة 2030 ليست ترفا ولكنها أولوية لمجتمع يرغب في التقدم والنهضة لكل أبناؤه ... وللحديث بقية .