جريدة الأخبار – الأربعاء 27 أغسطس
2014 التنمية وديمقراطية المعرفة
هل نحن علي الطريق الأفضل ؟ وهل يمكن لنا أن نكون علي الطريق الأصح ؟ ... يتابع المصريون العديد من المشروعات والمبادرات والتي يفاجئ بها الغالبية في معظم الأحيان ... ويتباين رد الفعل للمصريين – بالحس الفطري – بين مشجع ومساند قوي للمشروع مثل مشروع محور القناة والذي شعر بعمق دراسته ، ومنهج تنفيذه ، وجدية القائمين عليه ، وشفافية الإعداد والدراسة والطرح والتنفيذ علي المجتمع ... وفي غالبية الأحيان يتابع المصريين ما تأتي به الصحف عن العديد من البرامج والمشروعات أخرى والتي يثبت جدوى بعضها وفشل الغالبية منها ... ويتذكر المصريون بكل مرارة ما تم إهداره في توشكي وأبو طرطور والمشروعات العملاقة وغيرها ... ومن الأرقام المذهلة هو حجم الدين العام والذي تجاوز الآن تريليون وستمائة وخمسون ألف مليار !!! ومعظمها يهدر بقيادات تأتي إلي مواقعها وتذهب دون حساب أو رقيب علي ما يهدر من أموال ومشروعات وأهم من كل ذلك ما يهدر من زمن وعمر أجيال ... وتتباين القيادات بين الإخلاص والعلم والمعرفة واتخاذ القرار والقدرة علي التنفيذ والدهاء والشراهة السياسية ... منهم من يعمل للوطن ومنهم من يحترف السياسة والرغبة في البقاء ... وكمواطن مشارك في قضايا تنمية الوطن أجد نفسي مع المصريين في حيرة بين ما يجب أن يكون ؟ وما يحدث حولنا بصورة متكررة ؟ المشهد يتكرر بصور مؤسفة ... كل عدة سنوات يظهر للمجتمع مشروع قومي للتعليم ؟ وآخر لإصلاح ملايين الأفدنة ؟ وثالث للقضاء علي الفقر ؟ ورابع لبناء دلتا جديدة ؟ وخامس لغزو الصحراء وسادس لأبني بيتك وغيرها من المشروعات الهامة جدا ... ولكن التي تؤكد نتائجها عدم جدوى ما يتحقق منها مقارنة بما يصرف عليها وبالزمن والعمر الضائع التي تستغرقه للحصول علي نتائجها ... ويتساءل المصريون هل يمكن أن يكون لمصر خريطة طريق واضحة في كل مجال ولا تعتمد علي شخص رئيس الوزراء أو شخص وزير يأتي ويذهب ويترك تداعيات لمشاكل حادة لكل من هذه المشروعات والمبادرات ... خريطة الطريق المنشودة هي خريطة لكل الوطن بعلماء الوطن وخبرات الوطن وأبناء الوطن ... خريطة بأحسن ما في المصريين ولكل المصريين ... هي خريطة ينفذها كل رئيس وزراء يأتي وبكل وزير ويختلف كل منهم في سرعة وجودة التنفيذ والإنجاز ... ولكن كيف نصيغ الرؤية والمشروعات الوطنية لخريطة الطريق ؟ هل يتم ذلك في غرف حكومية مغلقة ؟ أم يتم ذلك بأعظم خبرات للوطن وبشفافية وحوار مع أبناء الوطن ... يتم ذلك بصياغة وطنية لمشروعات واضحة المعالم والغايات . ولهذا يجب أن يكون لدينا تحديدا نوعيا للطموحات وآمال وأحلام التقدم والنماء ويرتبط بذلك تحديدا لأهم الخبرات الوطنية في كل مجال دون تحيز حزبي أو سياسي أو أيدلوجي (التكنوقراطية المصرية) ... يجب أن يتوفر أيضا المعلومات الدقيقة المتوفرة والواجب أتاحتها في كل محور للخبرات الوطنية ولكل المصريين ... فلا توجد تنمية دون معلومات ... ومنهجيا لا مشروع دون دراسة تفصيلية لكل مشروع استنادا للمعرفة والخبرات الوطنية ... ولا مشروع دون منهج علمي وعملي واضح يستعرض الدراسات والأبحاث والبدائل والسيناريوهات مشروع وعائده ... ديمقراطية المعرفة تتحقق بمواطن لديه معلومات ودراسات وخبرات ورموز وطنية تتابع برامج ومشروعات التنمية بمنهج واضح وشفاف ... ومن البديهيات أنه لا يتحقق التقدم للأفضل دون وجود قيادات تؤمن بالمشاركة الوطنية وبديمقراطية المعرفة والمعلومات ... ثلاثية التقدم هي الديمقراطية والتنمية والمعرفة .