جريدة الأخبار – الأربعاء 7 مايو
2008 ملتقى المال والاستثمار العالمى 2008
شرفت بالقاء الكلمة الرئيسية لملتقى المال والاستثمار العالمى والذى عقد فى تونس وحضره مشاركون من 25 دولة ونظمه ملتقى المال الاورومتوسطى والذى انشأته احدى المجموعات الاستثمارية الاوروبيه (الفرنسية الاصل) وسبق أن نظم الملتقى الاول فى ليون بفرنسا منذ عامين . واهمية المؤتمر كانت فى المستوى الرفيع للبرنامج والحضور والمشاركين من المؤسسات المالية الكبرى فى العالم وحوض البحر المتوسط .وكان الحضور ملحوظ للفرنسيين ومستشارى الرئاسة الفرنسية وقادة المشروع المتوسطى الجديد والذى ينادى به ساركوزى منذ استلم مهام منصبه . وكان اللقاء متميزا حيث تحول من الشكل النمطى للمؤتمرات والحوارات والكلمات الى ملتقى من نوع جديد حيث يتفاعل الحضور وتلتقى الرؤيه ويتفاعل الفكر وتتحد العقول نحو غد أفضل وعالم افضل ... وكانت كلمتى محددة للغاية وبدأت بسؤال الحضور والجمع اين سيكون العالم واين ستكون المنطقة بعد عشر سنوات وبعد عشرين وثلاثين عاما ؟ هل سيكون افضل أم اسوأ ؟ أم هل سيكون الحال كما كان عليه ؟ وفى نظرى هذا هو السؤال الحاكم لنا فى رحلة الحياة هل سنضيف للارض والمجتمع خيرا وعطاءا وقيمة تسعد من عليها من بشر أم لا ويتطلب ذلك فى نظر الكثيرين اطار نظام عالمى واقليمى وقطرى يساهم فى تحقيق الاستقرار والتقدم الاقتصادى والرخاء الاجتماعى ... اطارا يؤصل السوق الحرة التنافسيه والعدالة الاجتماعية والتكافؤ . وبمنتهى الدقة أرى اننا فى اشد الاحتياج لاطار جديد ينبع من رغبة جادة ومشاركة مسئولة وريادة قدرية لصنع منطقة متوسطية يكون جنوبها فى نفس مستوى درجات التقدم الاقتصادى والاجتماعى لشمال المتوسط بل ايضا متجانس من حيث النضج السياسى والديموقراطى مع الحفاظ على قيم واحترام وخصوصية وتراث ومعتقدات المجتمعات ... والنظرة الى البيئه والتنوع كثروة يجب الحفاظ عليها بل واثرائها.
وفى هذا الاطار ادعو بقوة – لتبنى فكر ومدرسة مثل مونيه - والذى قاد رؤيه ووضع اساس الاتحاد الاوروبى بعد الحرب العالمية وتحولت به اكبر الاعداء فرنسا والمانيا الى قطبى تعاون وشاركهم الدول الاوروبيه بدأت بـ 15 دولة لبناء نموذجا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا هو – بكل عيوبه – اهم انجازات القرن العشرين فيما حققه للإنسان رؤيه وفكرا وإطارا تنفيذيا وسياسيا واقتصاديا ، اجتماعيا وبيئيا .
والسؤال الحاكم – دون متاجرة سياسية أو فلسفه للبعض – هل يمكن ان تكون كتلة المتوسطية (1) منطقة سلام واستقرار ، (2) سوق اقتصادية ، (3) تحترم حقوق الانسان ، (4) تعمل على تطوير التعليم والرعاية الصحيه والخدمات الاجتماعية ، (5) تخلق فرص عمل ، (6) تخطط لمجتمعات عصريه ومدن جاذبه ومساكن ومبانى حضاريه ، (7) ترتبط بشبكة متميزة للنقل والمواصلات ، (8) توظف وتستخدم الطاقة بأسلوب اكثر كفاءة ، (9) توطن الابداع والبحث العلمى جنوبا ، (10) جاذبه للعمل وليست طارده له فى عالم تتشابك ويتصارع لعصر المعرفة .
جنوب الشرق الاوسط يحتاج حتى عام 2020 لمائة مليون فرصة عمل ومائة الف مدرسة وعشرين مليون مسكن ومائتى مدينة ومستشفيات وطرق ونقل ... فهل تكون مبادرة المتوسطيه بداية لاعادة السيطرة على اتساع الفجوات بين الشمال والجنوب ؟ وهل تكون بداية لتعليم ورعاية صحيه وخدمات عصريه ؟ وهل يمكن أن تكون بداية لنشر الســلام بدلا من الارهاب والحروب ؟ والديموقراطيه بدلا من الدكتاتوريه ؟ والتقدم بدلا من السلفيه ؟ والمشاركة بدلا من التفكك ؟ ... والتوطن بدلا من الهجرة ؟ هل يمكن أن تكون بداية لمنطقة اكثر سعادة بدلا مما نراه حولنا ؟ ... وللحديث بقية.