جريدة الأخبار – الأربعاء 20 يونيو
2004 الهدف القومى (2)
أثرت الأسبوع الماضى عددا من الأسئلة ؟ منها : (1) هل لدينا هدف نسعى له معاً ام لا ؟ ، (2) ما الهدف الذى نجمع عليه كمجتمع ... ما هدفنا القومى ؟ و ما أهمية المعلومات والعلم و الممارسة فى صياغة هذا الهدف القومى ؟ أتساءل اليوم : كيف نصنع الهدف القومى ؟ وهل هو مطلوب ام هو دعوة لملء فراغ أو لغرض خفى ، او لشغـل المجتمع ؟ او هو محاولة لجذب انتباه او لشغل الرأى العام ؟ ام هو حتمية يفرضها الحاضر والمستقبل بما بقى من عمر جيلنا والأهم لما سيعيش فيه أبناؤنا ؟
وعن الهدف اسمحوا لى ان أتساءل عما يحدث إذا طلبنا من مجموعة من عشرين فرداً بناء منزل ووفرنا لهم الأرض والخامات (الأسمنت و الحديد والخشب ومتطلبات التشطيب ) والمال ... الخ دون ان نوفر التصميمات وأيضاً خطة التنفيذ ... ترى كم تصميماً ممكن ان يتخيله كل فرد من هؤلاء ؟ لن نتخيل حالة التخبط التى ستنتج عما يمكن أن ينتج من بدائل و من تخبط و من ضياع للوقت و الجهد نتيجة عدم تحديد التصميم - بواسطة متخصص هو مهندس معمارى - وبناء على الاحتياجات لصاحب المنزل هو(المالك) ... ولنا ان نتخيل الوقت الضائع فى التنفيذ نتيجة عدم اتباع المنهج العلمى و العملى فى التصميم و البناء - بمقاول محترف - ... بناء المؤسسة وبناء الشركة وبناء العائلة وبناء الإنسان وبناء المجتمع يجب ان ينبع من هدف رئيسى شامل وجامع لكل منهم ... يراه كل المشاركين فى ملكه والمستفيدين من نتاجه .
وبناء المجتمع هو بناء لمدن و مصانع و شركات و مؤسسات و بشر و أيضا بناء لقواعد وشروط هى ( السياسات و القوانين ) و كذا بناء لمستقبل تتحقق فيه أحلامهم من كل بناء وجهد ، ومن كل عطاء وعمل ... بناء المجتمع هو خلق مناخ واطار يرى فيه الانسان ويسعى ويتنافس من أجل حياة أفضل له ولأولاده ... ولكل حسب عطائه ونقائه .
ويرتبط بذلك جوهرياً المعلومات فكلما توافرت المعلومات رأى الفرد والمجتمع الواقع ، وسعى لتحديد أهدافه انطلاقاً من هذا الواقع ... وكلما اختزلت المعلومات للبعــض كلما غيب المجتمع وتخبط وبرزت الصور المختلفة لتميز فئات عن غيرها ، والاخطر من ذلك هو ما يحدث فى ظلام المعلومات ... وهو غياب الهدف وكثرة التخبط بل لظهور أهداف كثيرة ومتعددة قد يكون للبعض منها البريق وللبعض الأخر الجاذبية وسرعان ما يكتشف الانسان ان كليهما خطا وان هناك بدائل أفضل وتبرز ما يسمى ( تكلفة الفرصة الضائعة) او (تكلفة الفرصة البديلة) ... ونعود لمثل ان نأتى بمجموعة من عشرة أفراد ونضعهم بغرفة مظلمة ونطلب منهم ان يقوموا باعدادها وتنسيقها ، ترى ماذا ستكون النتيجة ؟ بالمثل لا يمكن ان نرى الهدف او نصنع الهدف او نتفق على هدف او ننفذه دون معلومات ... لقد أشرت الاسبوع الماضى الى ان التقدم يتطلب هدفا ... والهدف يتطلب مجتمعاً ... وتقدم المجتمع يتطلب هدفا قوميا ... والهدف يتطلب معلومات ومعرفة ... والمعلومات تتطلب ديمقراطية والديمقراطية تتطلب معلومات ... ونحو تحديد طريق التقدم فإنى اطرح سؤالى مرة أخرى ما هدفنا القومى ؟ ... وبعد ذلك تأتى الوسائل والتكنولوجيا .
واسمحوا لى ان اتساءل اليوم عن كيف نصنع الهدف القومى ... وما بدائلنا ؟ وكيف نختار افضل البدائل ؟ ... وللحديث بقية