جريدة الأخبار – الأربعاء 30 مايو
2007 تمكين الفقراء ... والصحة (8)
صحة المجتمع من صحة افراده ... والمجتمع القادر على النماء هو المجتمع الذى يتمتع ابناؤه بصحة جيدة . ومما لاشك فيه ان هناك تقدما فى معظم المؤشرات العامة لصحة المجتمع خاصة فى الثلاثين عاما الماضية . ويشمل ذلك معدل الوفيات من الاطفال الرضع حيث انخفض من 71 لكل الف مولود فى عام 1981 الى 20.5 لكل الف فى عام 2005 يشمل ذلك ايضا الزيادة فى متوسط عمر المصريين (توقع الحياة عند الميلاد) والتى اقتربت من 70 عاما وأيضا القضاء على امراض كانت تؤرق المصريين مثل شلل الاطفال والدرن وغيرها ... وبالرغم من التقدم فى المؤشرات العامة للمجتمع إلا انه ايضا يجب تسجيل ان هناك تفاوت وتباين حاد بين اتاحه الخدمة الصحيه بين المحافظات المصرية اى انه هناك اختلاف فى عدد ومستوى تقديم هذه الخدمات على مستوى المحافظات والمدن والقرى . ويمكن ايضاح حجم الفجوه والاختلاف إذا ما استعرضنا نصيب السكان من الاطباء فى كل محافظة ونصيب السكان من التمريض ونصيب السكان من عدد الاسره فى المستشفيات العامة والجامعية وتوفر الوحدة الصحية ... الخ . والبعض يثير قضية نقص الموارد والبعض الاخر يثير قضية (1) كفاءه توزيع هذه الموارد المحدودة (2) وعدالة توزيع الموارد ايضا ... واذا كان متوسط عدد السكان لكل طبيب قد وصل الى 443 مواطن لكل طبيب بشرى فأن الحقائق تشير ان هناك محافظات ومناطق متوسط نصيبها العددى من الاطباء والتمريض لا يزيد عن 25% من المتوسط العام للجمهورية وتشمل هذه المحافظات المنيا وسوهاج وقنا واسوان والشرقية ... وبالمثل هناك محافظات يختلف نصيبها العادل من الاسره بالمستشفيات أو الوحدات الصحية... والمشكلة اكبر بالنسبه لفقراء مصر وعددهم 15 مليون مواطن يمثلون ما يقرب من اربعة ملايين اسرة هم (20% من المجتمع) هى كيف يتـم علاج اى منهم اذا ما اصابه المرض بل كيف يتم الرعاية الصحية لهؤلاء ؟ لا اعتقد انه بالعطف أو الصدقه أو التبرعات يمكن رعاية 15 مليون ولكن يمكن أن يتم ذلك من خلال ايمان وقناعة وفعل بأن " للفقراء الحق فى رعاية صحيه متكافئه " وهذا يعنى ، اولا : عدالة توزيع الخدمات الصحيه على كافــة المحافظات بحيث يكون التباين عدديا ونوعيا فى اقل الحدود (مثلا + 10%) . وثانيا : ان يتم تطبيق عملى لمبدأ الخدمة الشاملة بمعنى أن تصل الخدمة الصحيه الجيدة لكل المحافظات والمدن والقرى مثل ما كان يصل البريد المصرى وخدمة النقل بالقطارات الى معظم انحاء مصر منذ اكثر من مائة وخمسين عاما الخدمة الصحية الجيدة فى القرن الحادى والعشرين لا تقل فى اهميتها عن البريد والانتقال فى القرن التاسع عشر . صحة الفقراء وتمكينهم هى أساس لعملهم وانتاجهم وهذا بالتالى ركيزة للتنمية . ومثلما تشير الحقائق الى أن هناك تقدم اقتصادى حدث ويحدث فى مصر إلا ان هناك معاناه تزداد لدى الشريحة الاكبر من الفقراء ، فأن الحقائق تشير ايضا ان هناك تقدم فى المستوى الصحى (العام) للمصريين ولكن هناك عدم تكافؤ وعدم عدالة فى توزيع الخدمة الصحية ووصولها للفقراء ولعدد من المحافظات (الاكثر فقرا) ... فهل هناك ارتباط بين الصحة والفقر ؟ أو الفقر والصحة ؟ ... هناك خريطة معلوماتية عن الخدمة الصحية وتوزيعها فى مصر فى كل محافظات مصر فهل يمكن استخدامها فى سد الفجوه الصحية (العددية) فهل يمكن العمل على سد الفجوه النوعية ... وهذا يتطلب ايضا نظام للرعاية الصحية والتأمين الصحى يصل لكل المصريين خاصة الفقراء منهم ... بعدالة وجودة وكفاءة ... أساس تمكين الانسان هو صحة له ولاسرته ... ترعى وتصان ... وللحديث بقية .