جريدة الأخبار – الأربعاء 28 مايو  2008
لبنان ... ومفترق الطريق

فجر اعلان مؤتمر الدوحة البهجة فى الشارع العربى وانتهاء ازمة استمرت 18 شهرا ، وتحولت الفضائيات – فى لحظات – من اخبار الصراعات وبرامج الانقسامات الى قنوات تبث فرحة أبناء لبنان وزينات شوارع بيروت ... بل وتعرض للآن برامج واحاديث الامل فى ان يعود شعب يعرف الحياة الى مسار الحياة بعد أن كاد ينزلق الى حرب اهلية جديدة ... ولعل ما حدث بين ليلة وضحاها يدعونا الى التوقف عند الحدث والاختيار والحكمة والعائد ... كتبت فى الاخبار 23 يناير هذا العام مقالة بعنوان "الشرق الاوسط وحافة الهاوية" ، وتابع العالم وتابعت الشعوب العربية ما حدث ويحدث من انهيار بعد ذلك فى لبنان خاصة وفى العراق وفلسطين والسودان ... وتأتى ازمة لبنان الاخيرة والتى كانت شرارتها شبكة "اتصالات مطار بيروت " ومدير أمن للمطار ، وما تلاها من رد فعل لحزب الله أدى لاقتتال ابناء لبنان فى الشارع اللبنانى وهو ما استنكره – فى رد فعل عنيف – الشارع العربى وشمل ذلك من اظهر اعجابه فى الماضى بحزب الله ... وأدى التناقض فى الفعل والحده فى عمق الازمة الى حافة الهاوية ... وكاد يخسر الفرقاء كل شئ وادرك الجميع أن الحرب الاهلية قادمة لا محالة ... وفجأة برزت الحكمة لابناء العرب والتى اصبحت نادرة فى الفترات الاخيرة ، وتجاوز اللبنانيون الهاويه واختاروا طريق السلام بدلا من طريق الحرب الاهلية فى خطوة هامة ومحورية لحل الازمة اللبنانية وسيسجل الاربعاء 21 مايو واتفاق الدوحة كتاريخ آخر اختار الفرقاء اللبنانيون فيه وحدة وسلام وتقدم لبنان واتفاقهم تضمن تحديدا (1) اختيار السيد/ميشيل سليمان رئيسا للجمهورية ، (2) تشكيل حكومة وحدة وطنية 16 (للاغلبيه) و11 (للمعارضة) ، (3) عدم العودة الى استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية ، (4) العيش المشترك فى سلام ، (5) اطلاق الحوار لتعزيـــز سلطة الدولة على ارض لبنان ، (6) تطبيق القانون ، (7) احترام السيادة ، (8) عدم الخروج على عقد المشاركة ، (9) الحفاظ على امن لبنان وتأمين اللبنانيون ... وكما اشار له العديد من الساسة والمراقبين اتفاق الدوحة هو انتصار للبنان وشعب لبنان وليس فيه غالب ولا مغلوب خاصة من كل من صدع الشعوب العربية واضاع على اهل لبنان الوقت والمال والامن والامان ... عودة الامل الى لبنان الحبيبة "لكل العرب" هو بداية لامل اكبر اصبح يراود العقول والقلوب العربية فى سلام على الارض العربية ... يبدأ بمفاجئة التوافق على ارض لبنان ... ترى هل من الممكن ان يلى ذلك اولا : اتفاق سلام سورى – اسرائيلى ، وثانيا: اتفاق سلام فلسطينى – فلسطينى (بين السلطة وحماس) ، وثالثا : اتفاق سلام فلسطينى – اسرائيلى ، ورابعا: انهاء وتعزيز السلام وبناء دولة عربية ديموقراطية على ارض العراق ، وخامسا: مساندة وترسيخ وحدة السودان وسلام ابناؤه وحقوقهم العادلة فى بناء وطن ديموقراطى ... الحكمة التى اوصلت اتفاق الفرقاء بلبنان - وهم ابعد ما يمكن ان يتفقوا - تشجع على العمل الجاد والشاق نحو اختيار طريق السلام ووضع خطط جادة وفاعلة لاحلال السلام الشامل على ارض العرب ... والا سيظل باقى العرب فى مفترق الطريق بين الحرب والسلام ... وتداعيات ذلك من غياب للاستقرار الدافع للتنمية وما يتبعه من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية ... وبديهى ان السلام والاستقرار يغير المجتمعات من قيادات الحرب والمليشيات الى ديموقراطيات الانتخاب والسياسات ومن اقتصاديات الحرب الى الاسواق الحرة والعولمه ومن الفقر والجوع الى مجتمعات العدالة الاجتماعية والخدمات والتكافؤ ومن سوء استغلال واستباحه بيئة الارض الى المسئولية المجتمعية للحفاظ على البيئة ... ومن اهدار دم الانسان الى احترام الانسانية عقلا وفكرا وقلبا وروحا ، وعطاءا ودما ... تحيه للبنان الاتفاق والوحدة ولكل من شارك فيها من لبنان ومن الدولة العربية وقطر ومصر ... وجامعة الدول العربية والتى سيكتب لها انها لم يغيب عنها الأمل .