جريدة الأخبار – الأربعاء 6 يوليو  2003
نحو خطاب ... جديد

هل البشر بطبيعتهــم ثائرون ؟ هل العـادة ألا يعجبهم الواقع ؟ هل هذا الواقع وردي , وهل هم المفترون ؟ أم هم مفتري عليهم ؟ هل هي إشكاليه التطور أن يكون هناك تباين بين الواقع والمنشود ؟ وبين ما يفعل وما يجب أن يكون ؟ العالم كله ؟ وبين التعددية الفكرية المحلية والقطرية والإقليمية بل والعالمية ؟ العالم كله – والعرب خاصة – يزدادون إدراكا وإحساسا بأن هناك حاجة لإطار عالمي وإقليمي جديد بعدما حدث ويحدث من تغييرات حادة في النظريات والمفاهيم والافتراضات – خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر – وتداعياته – حتى حرب العراق وما بعدها . هذا التغير الذي لا يستطيع تفسيره البعض وإذا كان المصطلح العام الشعبي المصري " دقة قديمة " يستخدمه الشباب حين يجهد في تفسير اطر الماضي ؟ فأن مما لا شك فيه أننا نواجه كبشر أطرا قديمة عالمية وإقليميا ومحليا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا وتقنياّ .

والعالم الجديد والمجتمع الجديد يتطلب خطابا جديدا وإذا أضفنا لهذا حتمية التوجه لعصر المعلومات وعصر المعرفة وما حدث ويحدث نتيجة للفضائيات والاتصالات والحاسبات والانترنت والهندسة الوراثية .. ومعدلات السرعة التي تزداد في كل جوانب الحياة وتهددها في نواح متعددة بانفجارات وبانهيارات اجتماعية واقتصادية سياسية وأمنية . عقائديه وثقافيه , فإننا نجد أنفسنا إمام تحد لشكل المجتمع الجديد . وقد أسعدني عقد مؤتمر الثقافة العربية نحو خطاب ثقافي جديد " من تحديات الحاضر إلي أفاق المستقبل " وهو عمل يضاف إلي المبادرات الفاعلة للسيد / فاروق حسني وزير الثقافة والي " المجلس الأعلى للثقافة " ودكتور / جابر عصفور الأمين العام للمجلس المتجدد والنشط وعلي الرغم من تحديد المؤتمر حول " الخطاب الثقافي " إلي انه تتطرق " بالطبع الأبعاد المتعددة للخطاب المنشود السياسي والاجتماعي والديني والمعرفي ... الخ ... وتحديدا تم تناول العديد من الموضوعات منها , حوار المجتمع العربي واثر الفضائيات في تغيير الوعي الجماهيري العربي , وثقافة الهزيمة بل وهزيمة الثقافة في بعض الدول " والدعوة لنهضة عربيه ثانيه , وما بين الرفض وثقافة الفعل . وإستراتيجية التحرر المبدع , والمقارنة التفضيلية للديمقراطية المحلية والغربية , والتجديـد بين المصداقية والمشروعية , وثقافة السلطة الثقافية , وانشقاق المثقف , وازمه المثقف العربي بين الدول والعولمة ... وتطرقت الموضوعات إلي الإصلاح الثقافي والإصلاح السياسي , وكذا حرية الإبداع , ونقد الخطاب الثقافي العربي والنظام العالمي , والمشروع الثقافي الحضاري العربي المستقبلي والثقافة العربية في عصر المعرفة ... وغيرها . وكما نلاحظ فان الموضوعات متعددة ... متداخلة ومتفاعلة ومتكاملة . والسؤال المطروح ما علاقة الثقافة بمجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة ؟ وما علاقته بأبعاد الخطاب الثقافي الجديد ... وبما يدور من فكر لمفكرين ؟ حاضرنا هو نتائج فكر وسياسات الأمس ... ومستقبلنا هو نتاج فكر وسياسات اليوم ... الثقافة هي بوتقة الفكر , والفكر هو أساس التقدم ... ولا تنمية دون رؤية ولا رؤية دون معلومات ونور ... التنمية معلومات والمعلومات تنمية ... واسمحوا لي أن أضيف الثقافة معرفة ... والمعرفة ثقافة ... وكلما ازددنا إدراكا فإنه علينا أن نعبئ المفكرين والمبدعين في المجتمع مثل المعماري الفنان , لرسم خريطة المستقبل الجديد ... لتحديث الأمة ... بخطاب جديد ... وللحديث بقية.