جريدة الأخبار – الأربعاء 12 يوليو
2006 فارس تنوير من مصر
فجعت برحيل الدكتور/ سمير سرحان – ورغم مرضه – فقد كان الرحيل وأمر الله - لمعظم من يعرفه - اسرع من الادراك بقرب الوداع . تعرفت عليه مثل كل المصريين مع انشطته الحكومية العديدة والتى مارسها بطاقة متواصلة تم بعد ذلك وأكثر قربا من دعوته لى للمشاركة فى العديد من الانشطة لمعرض الكتاب ، ثم لشرف الزمالة فى عدد من الانشطة المرتبطه بكتاب الطفل والمجلس المصرى لكتب الاطفال والمجلس العربى لكتب الاطفال والقراءة للجميع ومسابقة ادب الطفل والبرمجيات تحت قيادة ورعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك . تولى فى رحلته العملية مسئوليات تنويرية تنفيذية فى العديد من المواقع . فبعد رحلة الاعداد العلمى وحصوله على الدكتوراه فى الادب الانجليزى من جامعة انديانا بالولايات المتحدة الامريكية فى الستينات ، عين استاذا بكلية الآداب بجامعة القاهرة حتى وصل لرئاسة قسم اللغة الانجليزية عام 1979 ، ثم عميدا للمعهد العالى للفنون المسرحية من عام 1980 الى عام 1982 وتلى ذلك المشاركة بالعمل الثقافى الميدانى فبدأ بالثقافة الجماهيرية ومهرجان المائة ليلة بفرق الاقاليم المحرومه فأعــاد للعديد منهم الحماس ، وفتـح لابداعاتهم نافذة ، ولعطائهم أمل . وقاد عبرعشرين عاما رحلة للكتاب من هيئة الكتاب وتوجت برؤيه وريادة وقيادة للسيدة الفاضلة سوزان مبارك لان يصبح للكتاب وللكاتب فى وطن … بل وأن يكون الكتاب لكل المصريين وفى متناول غير القادرين ومدعوما مثل رغيف العيش . طبع من الكتب فى عهده - رئيسا لهيئة الكتــاب وفى إطار القراءة للجميع - ما زاد عن 30 مليون كتاب ، و2500 اصدار ، وتعاون مع عشرات دور النشر، ومئات الكتاب ، والعديد من المثقفين … عمل كأركان حرب أو مدير تنفيذى لاحد اهم برامج التنوير والنهضه فى التاريخ المصرى المعاصر: القراءة للجميع وكتاب الطفل ومكتبة الاسرة ومكتبة القرية ومسابقة سوزان مبارك لادب الطفل … فكان أحد الاعمدة مع زملاء واصدقاء له وقادة ثقافة واعلام معاصرين – نموذجا لفريق التنوير والنهضة الثقافية الواقعيه على أرض مصرية .
اضاف د/ سمير سرحان - بكل إنصاف - ودون أى شك للحركة الثقافية المصرية فى العشرين عاما الماضية رصيدا للمجتمع يضاف لفرسان جيله . وكان د/سمير سرحان برصيد العمل المتنوع والكبير مثيرا الجدل والاتفاق والاختلاف مع اصدقائه ومعارفه وزملائه والمتابعين له وكان مع ارائه وافكاره مدافعا ، ومع غيره متسامحا ورقيقا ومحبا . وقد شاهدت بعض ممن اختلف معه أو نقده يبكونه مصدومين فى فارس وفى فقيد للثقافة المصرية .
أعجبت وبهرت ذات مرة لأحد ابداعاته – مع فريق وطنى من زملائه – وهو محكى القلعة وهو من أجمل ما رأيت فى مصر، مجسدا للثقافة الشعبيه والفنون ، يجمع بين عمق واقطاب الثقافة وشعب مصر بتنوعهم الثقافى والفكرى والاجتماعى والاقتصادى … بهرت حين رأيت البسطاء يسمعون الاوبرا والاوبريتات باصغاء واحترام وتمتع ، بهرت من المشاركة الايجابيه والموضوعيه لجمع الحاضرين فى الندوات والفاعليات دون سلبيه أو خوف ، ودون اسفاف أو غوغائيه … بهرت الى أننى بعد عزوفى عن دعوته عدة مرات فى البداية الى مترددا دوريا على المحكى … سمير سرحان كتب لكل المصريين انفعالاته ورؤياه بلغه بسيطه وبتواجد متواصل . اتفقت مع سمير سرحان فى آراء واختلفت معه فى بعض مواقف وآراء اخرى . ولكن فى جميع الاحوال احترمت رجلا وقدرت عقلا … وفى كل الاحوال التقينا فى عشق وطن وحب الثقافة وتقدير للكتاب ولاهل الكتاب واصحاب القلم … تألمت لمصر ولاصدقاء ورفقاء سمير سرحان من العائلة الثقافية التنويريه والمصرية … وفقدت مصر أحد فرسانها أحب الناس ، عاش عقلا معطـاء ، وفكرا بناء ، وشعله نور… وتنوير… لوادى النيل … وللحديث بقية .