جريدة الأخبار – الأربعاء 18 يونيو
2008 السكان ... والتنمية (2)
التقدم والرخاء يعنى السيطرة على معدلات الزيادة السكانية من جهة وتعظيم الموارد وحسن ادارتها من جهة اخرى . واذا تطلعنا لما تقوم به وتعيشه دول العالم لوجدناها تنقسم الى اربعة مجموعات لمواجهه التحدى بين السكان والموارد. (1) دول ترى الزيادة السكانية انها تحدى مثل (الهند والصين) ، (2) ودول اخرى ترى الزيادة السكانية انها نقمه مثل (بنجلاديش) ، (3) ودول لديها مشاكل فى قلة السكان مثل (الامارات وسنغافورا) ، (4) ودول لديها مشاكل فى معدلات زيادة السكان مثل (العديد من الدول الاوروبية) . والسؤال هو أين نحن ؟ رسالتى الواضحة هو اننا يجب أن ننظر لحجم السكان ومعدلات الزيادة كتحدى وليس كنقمه . نعم مواردنا محدودة ولكن حسن ادارة هذة الموارد بل وتعظيمها من جانب ومن جانب آخــر تحقيق وعى وادارك مجتمعى نحو معدلات زيادة ملائمة هو ما يجب أن نسعى له . ولكن ما هو اهم مورد يجب ادارته ؟ من وجهة نظرى ومن متابعتى معكم لما يجرى فى العالم – الناجح – المورد البشرى هو أهم الموارد – على الاطلاق – التى يجب ادارتها وهى ببساطة سكان مصر ... والسؤال الأهم الذى لم تطرحه العديد من الحكومات بالجدية والموضوعية اللازمة هل الانسان كمورد للثروة يتقدم فى مصر أم انه يتأخر ، هل تعليما هو افضل ؟ هل ثقافة هو اعمق ؟ هل رياضة هو أشد ؟ هل صحة هو اقدر ؟ هل سعادة هو أكثر ؟ اجاباتنا هل هذه الاسئلة هى صميم وعمق حل قضية السكان ؟ فاذا كان لدينا سكان قادرين على المنافسة العالمية والاقليمية بالعلم والخبرة ، والعقل والممارسة ، والقيم والقدرة فإن منابع الثروة ستزداد لهم ولمصر واعباء السكان الظاهرية التى نلاحظها ستقل ... ببساطة الدول مثل البشر فهل عائلة تعمل وتنتج وتكسب وتدخر مثل عائلة كلها لا تعمل وتعيش على مرتب الاب أو الأم . فى 23 مايو 2007 كتبت مقالة عن تمكين الفقراء ... والزيادة السكانية وهى المقالة السابعة فى مجموعة مقالات نادت بالنظر الى اخطر قضايا مصر وهى الفقر والفقراء والتى يتجاوز عددهم 15 مليون مواطن ... بينما من يشعر بأنه اكثر احتياجا فى المجتمع المصرى لمواجهة الغلاء والتضخم هم نسبة اكبر من ذلك بكثير يشعر به القارئ ويعلمها البعض !! وذكرت على وجه التحديد ان المؤشرات الايجابية – التى تتضح من نتائج التعداد ان متوسط حجم الاسرة المصرية – قد انخفضت من 7ر4 فرد فى كل اسرة الى 2ر4 فرد فى كل اسرة وان عدد الاسر فى مصر قد ارتفع بنسبه 9ر35% ليصل الى 3ر17 مليون اسرة عام 2006 مقابل 7ر12 مليون اسرة عام 1996 . ومن كل خمس اسر فى مصر هناك اسرة تحت خط الفقر . ولمواجهه الفقر فى مصر يجب علينا أن نعمل كمجتمع فمن جهة علينا ان نسيطر - بل أن نخفض - من معدل الزيادة السكانية ومن جهه اخرى علينا أن نخلق فرص عمل ومجالات استثمار لتشغيل طاقة المجتمع بكامله وأن نعمل على التوازى على القضاء على الفقر ايجابيا والذى يمثل تحديا يتعاظم كل ما زاد عدد السكان بمعدل اكبر عن زيادة الانتاج والقيمة المضافة للمجتمع . تمكين الفقراء يعنى تنشيط وتعميق برامج السيطرة على الزيادة السكانية والتى نجحت فى مصر من قبل والتأكيد على اولوياتها واهميتها دون تهاون . تمكين الفقراء يعنى توعية الاميين والذين يصل عددهم الى ما يقرب من 25 مليون ولهم تأثير بالغ على متوسط زيادة عدد افراد الاسرة على حال افرادها الاقتصادية والاجتماعية ... تمكين الفقراء هو مشاركة معهم وبهم وتوعيتهم لدورهم فى تخفيض حجم المشكلة السكانية ... وفى عصر المعلومات ومجتمع المعلومات لدينا بالفعل بيانات دقيقة اساسها جهاز التعبئة العامة والاحصاء ومشروع الرقم القومى واللذان يوفران بيانات دقيقة وجغرافية على حجم السكان ومعدلات الزيادة فى كل محافظة بل ومدينة وقرية ... ومن ثم تستطيع توجيه جهود المجلس القومى للسكان والاعلام والدولة – ذات الموارد المحدودة – الى حيث يمكن التأثير الاكبر والاعمق كى نتلافى مشاكل لسكان يولدون فقراء ويعيشون فقراء ... لقد وفر العلم والمعلومات القدرة لدعم القرار وصياغة الاستراتيجيات وتوجيه برامج التنمية وإنارة الطريق ... لرؤية اين الفقراء وكيف نساعدهم على تجاوز حد الفقر ... لدينا ثلاث طرق لمواجهة الفقر (1) السيطرة على الزيادة السكانية ، (2) قيمة مضافة بمعدل اعلى من هذه الزيادة ، (3) كلاهما ... وهذا افضل واقصر الطرق ... بالمعلومات نرى وبالمعرفة نحل مشاكلنا ... واهمها السكان والتنمية ... وللحديث بقية .